خليفة علي السويدي

أبدأ مقالي هذا الأسبوع باقتباس من كلمة «ديباك تشوبرا» المؤلف والمفكّر العالمي بجلسة «كيف نصنع الأمل لمواجهة التحديات؟» خلال أعمال القمة العالمية للحكومات، حيث قال: «على الرغم من تباين هوياتنا، فإن المستقبل هو هويتنا جميعاً» بمثل هذه الكلمات المؤثرة انطلقت هذه القمة الرائدة التي تُضاف إلى إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الحدث السنوي الذي تشهده إمارة دبي منذ عام 2013، وكان شعار القمة هذه السنة «استشراف حكومات المستقبل»، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بهدف التوصل إلى تصور عالمي مشترك لحكومات المستقبل، لقد تمكنا في الإمارات من أن نكون مركزاً عالمياً للمعرفة الإنسانية. وقد لاحظت خلال تجوالي بين القاعات وجلسات الحوار في القمة تنوع الجنسيات وتعدد الثقافات بين الحاضرين، وأهم من ذلك أن القمة نجحت في استقطاب أقطاب السياسة والاقتصاد والمعرفة من العالم كله. لقد كانت كلمة المستقبل هي محور جل المحاضرات التي شهدتها، الخبراء والمسؤولون من القطاع الحكومي أو الخاص أكاديميين وسياسيين كلهم كان همهم المستقبل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ. فلا يوجد أجمل من أن يجتمع العالم لما فيه خير البشرية ومن المبشرات ما أعلنته صاحبة السمو الملكي الأميرة هيا بنت الحسين، حول استثمار المعلومات في الجانب الإنساني، بإنشاء «بنك البيانات اللوجستية للخدمات الإنسانية»، الذي سيوضع تحت تصرف العالم لتسهيل الجهود الإنسانية عملية، هذا العمل جاء بدعم المجتمع الدولي وبمشاركة 70 وكالة تعمل في الخدمات الإنسانية، ساهمت في تقديم البيانات للبنك. إنها الإنسانية عندما تفكر بطريقة إيجابية، ولأن المستقبل يصنع ولا ينتظر أعجبني المثل اللاتيني الذي ساقه لنا معالي رئيس الوزراء الفرنسي «إدوارد فيليب» «عندما لا تعرف وجهتك، فإن الرياح لا تُحالفُك». لقد عرفنا نحن أهل الإمارات طريق المستقبل، فكما قال سمو الشيخ سيف بن زايد «ما دام البيت متوحّدا، كل التحديات تسهل فالبيت يرعى أبناءه، ويتيح الفرص عبر التمكين والتأهيل والتعليم وإذا أردت أن تحقق أهدافك فعليك أن تنشر الإيجابية من حولك». ففي الإمارات اتحاد لا نرضى أن يمسه أحد، وقد كان التعليم الرافد الأساس لما تحقق الْيَوْمَ في مجتمع الإمارات، لكن السؤال المطروح حالياً في مجتمعنا: هل ما يجري في مدارسنا الْيَوْمَ يحقق لنا أحلام المستقبل؟

سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، ذكر في محاضرته الملهمة «نحن بحاجة إلى نظام جديد للتعليم على أساس التنافسية والنظرة المستقبلية والمرونة، ويعزّز التميّز والتفوّق في كلّ المجالات».

وأضاف سموه «نحن بحاجةٍ إلى التخلي عن مهارات معيّنة وكسب مهاراتٍ مثل التفكير الناقد، القدرة على التكيّف والصمود، مفهوم التعلم مدى الحياة، توسيع الآفاق والسعي للتميز، مهارات حلّ المشكلات والذكاء العاطفي». هذه القمة بلا شك لها انعكاساتها المتوقعة على استراتيجياتنا الوطنية، فنحن لم نجمع العالم فقط لنستمع لكن كي نقتطف أفضل الأفكار ونحولها إلى ممارسات، هكذا تتطور المجتمعات، وكمتخصص في التعليم كان همي من القمة ما يُقال في هذا المجال، لدينا الإمكانيات أن تكون مدارس الإمارات نموذجاً للمدرسة العالمية المستقبلية، تلك المدرسة ذات الجذور الراسخة في الهوية العربية لكن سيقانها اليافعة تمتد لتطال المريخ علماً ومعرفة، التعليم ينبغي إعادة النظر في أفكاره قبل مكوناته، فكثيرة هي الاستراتيجيات المعلنة لكنها تدور داخل الصندوق، فإن أردنا تعليماً متميزاً علينا أن نعيد النظر في الفلسفة التي تدور حولها المدرسة.