كلمة الاقتصادية


تحصد المملكة نتائج حراكها الاقتصادي والاستراتيجي والتنموي الشامل، وهي تحقق هذه النتائج ضمن الأطر العامة الموضوعة لها، حتى قبل المواعيد المخصصة لاستكمالها. وهذا ما كان ليتم في الواقع، لولا الإشراف المباشر على الحراك الاستراتيجي العام من أعلى هرم الحكم في البلاد، ولولا المعايير التي وضعتها القيادة من أجل الوصول للغايات. ومن أهم هذه المعايير عدم التسامح في أعمال الفساد مهما كانت طفيفة، وعدم التهاون أيضا في التراخي في عمليات التنفيذ، والاقتصاص فورا ممن لا يستحق موقعه، والأهم من هذا وذاك ترك الباب مفتوحا دائما لمن يستحق أو يدخله بمؤهلاته وقدراته وصدقه الوطني. ومن هنا (مثلا)، تتم عمليات تغيير احترافية من أجل أن تمضي المسيرة بسلاسة إلى الأمام في هذا القطاع أو ذاك. كل هذا تقدم بالمملكة مراتب إلى الأمام على صعيد مستويات الفساد، وذلك وفقا لمنظمة الشفافية العالمية التي تصدر مؤشرها السنوي عن مدركات الفساد حول العالم. 

وهذه المنظمة تتبع هذا الأسلوب منذ سنوات طويلة، وتكشف عادة كل الأوراق التي تصل إليها حول الفساد في هذا البلد أو ذاك. وتعد أنه كلما زاد الفساد، تأثرت التنمية بصورة سلبية وأحيانا خطيرة، خصوصا في بلدان تحتاج إلى التنمية مثلما تحتاج للماء والهواء. لم يكن مفاجئا أن تقفز المملكة إلى المركز 57 ضمن قائمة أفضل الدول في مؤشر مدركات الفساد. والأمر ليس غريبا لأن مقدماته يراها الجميع ظاهرة على الساحة، في مدة قياسية. ففي أعقاب إطلاق "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، كانت محاربة الفساد على رأس الأولويات في السعودية. وفي الأشهر الماضية تجسدت بصورة أوضح في الحملة التي شنتها القيادة السعودية على شخصيات رسمية حالية وسابقة حتى على أمراء، في نطاق الحرب على الفساد. 

والقيادة أطلقت عليها حربا وهي كذلك. وشهد العالم أنه لا فرق أمام المصلحة الوطنية بين شخص وآخر، ولا يهم موقع هذا الشخص إذا ما ناله الفساد بصورة أو بأخرى. كانت حملة تركت أثرا كبيرا في الحراك الاقتصادي العام، إلى درجة يمكن اعتبارها أداة أخرى من أدوات البناء الاقتصادي الوطني الجديد. وعندما تحتل السعودية المركز الـ57 في قائمة أفضل الدول على مؤشر محاربة الفساد، فإنها في الواقع تترجم حقيقة ما قامت (وتقوم) به على هذا الصعيد. فقد توقفت كل الأشكال المتوقعة وغير المتوقعة للفساد، فيما ورشة التعمير الاقتصادي ماضية إلى الأمام بخطوات قوية ومتسارعة. مؤشر مدركات الفساد المشار إليه، يختص بالسلوكيات المرتبطة بالفساد كالرشوة واختلاس المال العام، واستغلال السلطة لمصالح شخصية، والمحسوبية في الخدمة المدنية إلى آخر أشكال الفساد العام. كل هذه الموبقات (إن جاز التعبير) أصبحت شيئا من الماضي في المملكة، خصوصا مع التشريعات والقوانين التي فرضتها الاستراتيجية الاقتصادية العامة. ومرة أخرى، لولا أن القيادة أولت أهمية لهذا الجانب، لما تقدمت البلاد على هذا الجانب. فقد اعتبر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد، كل شكل من أشكال الفساد، هو في الواقع عدوان على الوطن والمواطن، وهو عدوان أكبر عندما يتم خلال مرحلة البناء والتنمية. إنها استراتيجية وطنية سعودية تلك التي تستهدف إنهاء الفساد بكل أشكاله وصوره إلى الأبد. ولهذا فإن المملكة تتقدم على مختلف الأصعدة.