سليمان الحديثي

يصاب بالذهول كل من زار مدينة الرياض لضخامتها وكثرة عدد سكانها، الذين تجاوزوا ثمانية ملايين نسمة. هذه المدينة الضخمة لم تكن قبل قرن من الزمان سوى قرية كبيرة لا يتجاوز سكانها 30 ألف نسمة كحد أقصى، وقد ذكر ليتشمان أن عددهم عام 1330هـ 25 ألف نسمة. وكان أول تطور عمراني ملحوظ للرياض هو الذي بدأ عام 1373هـ في عهد الملك سعود، فقد تغير وجه المدينة تماما في عهده، بعد أن ظلت عشرات السنين في نسق واحد، بيوت طينية، وأزقة وشوارع ضيقة ومتعرجة. وتتفق المصادر على أن الرياض قبل عهد الملك سعود كانت مدينة صغيرة، أو قرية كبيرة ضيقة الشوارع، طينية البيوت، تكاد تنعدم فيها الخدمات.
هذه المقالة توضح عبر نقلها لنصوص من عاصروا تلك الفترة كيف كانت الرياض قبل عام 1373هـ، وماذا أصبحت بعد ذلك بسنوات قليلة، وتحكي قصة الرياض بين زمنين، الأول قبل عام 1373هـ، والثاني بعده حتى عام 1380هـ.


حمد الجاسر:


حمد بن محمد الجاسر (1328 ــ 1421هـ)، أديب ومؤرخ ولغوي ونسابة سعودي شهير، نشر آلاف المقالات، وألف وحقق عديدا من الكتب، ومنها كتاب ألفه بعنوان "الرياض عبر أطوار التاريخ"، فهو يعرف الرياض جيدا، وقد عاش فيها سنوات كثيرة ومتقطعة من عمره بدءا من عام 1340هـ، وكان مقيما فيها لعدة سنوات خلال فترة تطورها، وهذا ما يجعله شاهد عيان، ومن هنا يأتي أهمية كلامه، إضافة لكونه أحد أبرز الوجوه العلمية والثقافية والصحافية في مدينة الرياض حينها.


يقول الشيخ حمد الجاسر، وهو يتحدث عن مدينة الرياض: "ولعل القارئ يتطلع إلى معرفة لمحة عن هذه المدينة في أوائل عشر الثمانين من القرن الماضي، فقد كانت إلى ما قبل ذلك مدينة صغيرة يحيط بها سور كغيرها من مدن نجد، لم تنل من وسائل الحضارة التي تتمتع بها بعض مدن المنطقة الغربية ما هي في أشد الحاجة إليه، ولكن سعودا ــ رحمه الله ــ منذ أن أسند إليه تصريف شؤون الدولة في آخر عشر السبعين، بعد أن تأثرت صحة والده الملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ بالكبر والمرض، جد جاهدا لكي تتمتع هذه المدينة بخير ما تحظى به أية مدينة أخرى، فأمر بإنشاء جهة لتنظيمها "أمانة مدينة الرياض"، وأسند إدارتها إلى رجل حازم من الأسرة السعودية، ذي مكانة عنده، هو الأمير فهد بن فيصل بن فرحان، فشملها التنظيم، وعمتها النظافة، فوسعت شوارعها، وأزيل السور القديم حيث أصبح عديم الفائدة، فأصبحت من حيث تنظيم الشوارع والنظافة من خير المدن، وقد بدأ تغير طراز العمران فيها منذ أوائل عشر الثمانين، فأبدلت مواد البناء القديمة التي هي اللبن والطين والخشب، بمواد الأسمنت والحديد والحجر، فانتشرت البنايات الضخمة الكبيرة، التي تماثل ما يشاهده المرء في المدن الأخرى كالقاهرة وبيروت، وحل محل الحوانيت الضيقة الصغيرة، المبنية بالطين واللبن، متاجر واسعة، محكمة البناء على أحدث طراز، وأنشئت المعارض في الشوارع الرئيسة لأنواع البضائع، والأدوات والآلات الضخمة الكبيرة، والسيارات ونحوها. وبينما كان المرء لا يجد في هذه المدينة ما قد يحتاج إليه حينما يكون من غير أهل البلدة من مسكن ومطعم أو مشرب، فقد كثرت فيها المقاهي والمطاعم وعنيت "البلدية" بالإشراف على نظافتها وتفقدها، بعد أن افتتحت هي نفسها مقهى ومطعما في وسط المدينة، وبدأ إنشاء الفنادق...".
وفي موضع آخر يقول الشيخ حمد الجاسر: "في عام 1373هـ أنشئت أمانة مدينة الرياض، وأسندت رئاستها إلى رجل حازم من الأسرة السعودية الكريمة هو الأمير فهد الفيصل، فقامت في المدينة حركة عمرانية عظيمة، شملت جميع المرافق العامة، وخططت مدينة الرياض تخطيطا جديدا بشق الشوارع الواسعة، وإقامة الميادين الفسيحة، وتجميل المدينة بالحدائق، وتشجير شوارعها وميادينها، وجر المياه العذبة وإدخالها في بيوتها".

عبدالرحمن الرويشد:


عبدالرحمن بن سليمان الرويشد (1348 ــ 1438هـ)، مؤرخ من أهل الرياض، ومن أكثر الناس معرفة بهذه المدينة، تحدث عن الرياض القديمة والرياض الحديثة في عهد الملك سعود حين تولي الأمير فهد الفيصل أمانة مدينة الرياض فقال: "وفي عام 1373هــ عينه الملك سعود أمينا لمدينة الرياض عندما أصبحت الرياض العاصمة الإدارية للمملكة، وكانت في تلك الآونة مدينة أشبه بقرية كبيرة، ولم تكن قد تغيرت عن وضعها السابق منذ عشرات السنين، فقد كانت مجرد مبانٍ ومنازل قديمة وطرق ضيقة ملتوية يصعب وصول السيارات إلى معظم أحيائها. وعندما وضعت الثقة في سموه ــ رحمه الله ــ ما كان منه إلا أن عمل على تحويل تلك البلدة إلى مدينة حديثة في زمن قصير على الرغم من قلة الإمكانات، وضعف دخل الدولة العام وحينما تسلم العمل لم يكن لديه موظفون، ولا فنيون، بل كانت الوحدات والآليات وسيارات النقل في تلك المصلحة أقل من القليل، بل إن ميزانية الأمانة في ذلك الحين لم تتجاوز 720000 ريال!!. عند ذلك كانت أولى خطواته التي قام بها أن وضع الأسس لمصلحة تليق بمكانة المدينة، ووضع برامج عدة من بينها إيجاد عدد من الفنيين والمهندسين، كما قام في الوقت نفسه بإنشاء شبكة لجلب المياه النظيفة للمدينة بدلا من السقيا بالأساليب القديمة التي تعتمد على انتشال مياه الشرب من الآبار بواسطة الحبال والدلاء التاريخية، كما عمل على وضع شبكة للإنارة وأسس عدة مرافق حيوية أخرى، فزودت المدينة بالمياه الصالحة للشرب من آبار حديثة "بمنطقة الحائر" واستصدر أوامر بفتح الطرق والشوارع داخل المدينة ورصفها، وإضاءتها، وبذلك زاد من كفاءة مواصلاتها، واتسعت المدينة القديمة، كما عمل على التخطيط خارج المدينة، فأنشأ بها الميادين وأقام المنشآت العديدة من المدارس والمساجد داخل البلدة وخارجها وحسن المرافق العامة بإنشاء أسواق وعمارات سكنية حديثة للتخفيف من أزمة السكن الصحي ــ آنذاك ــ وشيد مقرا جديدا لقصر الحكم في الديرة وإعادة بناء بعض المباني الحكومية، والملاعب الرياضية، وأنشأ بعض السدود حول الأودية القريبة من المدينة لرفع منسوب المياه، وأقام إلى جانب ذلك خزانات ضخمة لتسهيل انسياب المياه إلى البيوت والمباني السكنية.


وبالجملة فإننا لن نبالغ أن نقول إنه استطاع بمعاضدة الدولة ومباركتها أن يحول مدينة الرياض ــ تلك المدينة التراثية ــ من قرية كبيرة إلى مدينة حديثة في زمن قصير يساعده في ذلك ويشرف على تنفيذ أعماله عدد من الرجال المخلصين، وعلى رأسهم ابنه الأمير عبد الله الذي يقوم إلى جانب أعماله الكثيرة برئاسة المجلس البلدي، كما يرأس كثيرا من اللجان، والمجالس التي أنشئت في ذلك الحين للعمل على تحديث المدينة وتطويرها، وهدم أسوارها القديمة وإنشاء المساكن والأسواق والحدائق وصالات الاجتماعات، والمكتبات ما شجع المواطنين على البناء والتعمير ولا سيما عندما بدأت الأمانة في ذلك الحين تقدم الأراضي السكنية المحيطة بالبلدة بأزهد الأثمان لغرض التشجيع على البناء والتشييد خارج حدود المدينة فتم له ما أراد من تحسين وتوسيع مدينة الرياض في زمن قياسي لا يتجاوز السنوات العشر. وواضح أن ذلك يعد أول توسعة للمدينة والخروج بها من نطاق الأسواق التي عاشت داخلها قرون عدة، وواضح أيضا أنه لا علاقة لذلك بما نشهده اليوم من تطور هذه المدينة واتساعها، وتوفر الخدمات الكبيرة في أنحائها".

أحمد المبارك:


أحمد بن علي المبارك (1337 ــ 1431هـ)، أديب ودبلوماسي سعودي، له سيرة ذاتية نشرها على حلقات في المجلة العربية، ثم نشرت في كتاب بعنوان "رحلة الأمل والألم". تحدث فيها عن زيارته لمدينة الرياض عام 1356هـ، وقال يصفها: "عبارة عن كيلوين طولا وكيلوين عرضا ولها سور يحيط بها، ولها خمس بوابات تسمى الواحدة منها "دروازة"، موزعة على الجهات الأربع من المدينة للدخول والخروج منها، ولم يبن خارجها إلا قصر كبير للملك عبدالعزيز ــ رحمه الله ــ وقصر آخر لولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز. وقد رش الطريق الذي يوصل إلى القصر من "دروازة الثميري" التي تقع شرق الرياض ببعض منتجات البترول، المسمى القار، لتهدئة الأرض. والقصر مكون من دورين، بني باللبن والطين، وبيض جداره بالجص الأبيض. وبني خارج مدينة الرياض بنايات غير منظمة، اسم الأولى منها حلة العبيد، والثانية حلة القصمان، والمقصود أهل القصيم. وجميع مباني المدينة في ذلك الوقت بالطين واللبن، إلا ما ندر... وإذا تيسر لك دخول السوق في داخل الرياض، فإنك تجدها محدودة الاتساع، والبضائع على اختلاف أنواعها مكدسة في دكاكين غير مضاءة، وغير واسعة، مستوى ارتفاعها على مستوى ارتفاع الشارع، والشوارع غير واسعة، وغير مستقيمة، بل متعرجة، وتكثر في طرقها "الصوابيط"، وهي عبارة عن سقف يغطي جزءا من طرق داخلية يمثل ممرا بين بيتين متقابلين... وارتفاع منازلهم لا يزيد عن دورين".
أما في عهد الملك سعود فقال يصفها: "أسندت رئاسة البلدية إلى الأمير فهد الفيصل الفرحان آل سعود، ذلك الرجل الحازم، ذو الهمة العالية، فبدأ يشق الطرق الواسعة، وبدأت الحكومة تمده بالمال الكثير، وأخذ يشجع الأهالي على تجديد نوع البناء، فأخذت الرياض تنتقل من طور إلى طور، وبدأت تتوسع توسعا أذهل العقول، وبهر الأنظار".

عبدالحميد عنبر:


عبدالحميد عبدالقدير عبدالقادر عنبر (1324 ــ 1391هـ)، شاعر وأديب، ولد في المدينة المنورة، وعمل في التدريس ثم مفتشا في وزارة المالية، فمعاونا لرئيس ديوان إمارة الأحساء، كما عين عضوا في مجلس الشورى.
في عام 1360هـ زار عبدالحميد عنبر مدينة الرياض، ثم زارها مرة أخرى في ربيع الأول من عام 1375هـ، فذهل من التغيير الذي طرأ عليها، والتطور الذي حدث لها، وكتب مقالة مطولة يقارن فيها بين ما شاهده في المرة الأولى: "الطرقات الملتوية المتداخلة... بعض الطرق كانت لا تكاد تسع رجلين، وأن أسوار الدور كادت تضاهي أسوار السجون، ليس فيها نافذة لترى منها النور"، ثم ينتقل ليصف ما رآه أخيرا، "ولم تكد تمس الطائرة أرض المطار حتى صافحت عيوننا مشارف العمارات الضخمة والقصور الفخمة والفيلات الأنيقة"، ويمضي في حديثه واصفا مشاهداته حتى يقول، "ولم أكد أصدق نفسي وأنا أحملق في هذه الحركة المجنونة، والعمارات المتسلسلة، والشوارع النظيفة المنسقة... ودفعت الحكومة ملايين الريالات لتبدو الرياض في ثوبها الرشيق الجديد. إن الشارع ليسير في خط مستقيم، في سعة يتسع لها الصدر وتمتلئ منها النفس بهجة وسرورا، فلا نتوء، ولا بروز، ولا اعوجاج، ولا التفاف. ستة شوارع قد فتحت داخل البلدة ونظمت على هذا المثال، أما ما بلط منها وتناولته يد المهندسين بالتنسيق والتبديع فقد بدا جميلا".

عاصم حداد:


زار الرياض عام 1369هـ عالم هندي اسمه مسعود عالم الندوي، ووصفها بما يتفق مع ما ذكره غيره، وكان يرافقه شخص اسمه عاصم حداد، وبعد عشر سنوات يأتي عاصم حداد عام 1379هـ برفقة العالم الهندي الشهير أبو الأعلى المودودي. وكتب عاصم يصفها، "شوارع واسعة، ومبانٍ رائعة، شيدت على الطراز الحديث، وأسواق ممتدة هنا وهناك، وكهرباء موزعة بطريقة جميلة مع نظام بديع، وعلى الرغم من أن المحلات كانت مغلقة لكن يبدو أن الرياض خلال السنوات القليلة الماضية اتسعت كثيرا وصارت مدينة من الطراز الحديث". ثم يقارن بين الرياض التي رآها عام 1369هـ والتي رآها اليوم فيقول، "في سنة 1369هـ/ 1969 حين قدمت الرياض مع الشيخ مسعود عالم الندوي، كانت الرياض بلدة صغيرة عادية، شبيهة بقرية من قرى شبه القارة الهندية، لم يكن هناك سوق كبير، ولم نمض على طريق مرصوف معبد، سوى على طريق واحد يربط المدينة بالمطار، كانت هناك كهرباء، لكنها كانت قاصرة على قصر الملك وقصور الأمراء.. وكانت الشوارع ضيقة والحواري تمضي ملتوية، مع وجود بعض المحلات الصغيرة يطلق عليها سوق.. لم يكن هناك أي فندق، ولم تكن هناك سيارات أجرة، وجميع البيوت حتى القصر الملكي، وقصور الأمراء كانت مشيدة بالطين واللبن.. وبالتأكيد بدأت مرحلة البناء والتشييد، وبدت خريطة الرياض وقد تغيرت تماما".

فيلبي:


ولد هاري سانت جون فيلبي (1302هـ/ 1885ــ1380هـ/ 1960) في سيلان "سريلانكا"، ودرس في بلده الأصلي بريطانيا، وبعد تخرجه عمل لدى حكومة الهند البريطانية، وتعلم العربية في الهند. وفي عام 1915 انتدبته حكومته للعمل في العراق، ثم أرسلته عام 1336هـ/ 1917 على رأس بعثة إلى نجد، قابل خلالها الملك عبدالعزيز. انتقل من العراق إلى إمارة شرق الأردن، ثم استقال وعاد إلى لندن. وبعد دخول الحجاز في حكم الملك عبدالعزيز انتقل فيلبي إلى جدة، وعمل في التجارة، واعتنق الإسلام، ثم أقام في الرياض عاكفا على بحوثه ومؤلفاته التي عد بسببها أعظم مستكشفي الجزيرة العربية.
كتب فيلبي عن الرياض كثيرا، ومنها ثلاث مقالات مطولة الأولى بعنوان "عاصمة الوهابيين"، نشرت في كتابه "قلب جزيرة العرب"، الذي صدر في لندن عام 1922 والثانية كتبها عام 1931 بعنوان "الرياض ملكة الصحراء"، ونشرت ضمن كتابه "حاج في بلاد العرب"، والثالثة نشرها في مجلة الشرق الأوسط عام 1959 بعنوان "الرياض بين الحاضر والماضي". وهذه المقالات جمعها الدكتور محمد آل زلفة ونشرها في كتاب بعنوان "الرياض كما رآها فيلبي". وفي المقالتين الأولى والثانية يأتي فيلبي بتفاصيل جديدة في وصف القرية الكبيرة الرياض، ويتفق مجملا مع غيره. أما المقالة الثالثة فهي التي يصف الرياض المدينة، ويذكر أن بداية التنمية فيها كانت حين بنى الملك عبدالعزيز قصر المربع وانتقل إليه عام 1938، الذي يربطه بالرياض القديمة طريق معد من الخرسانة، ثم قصر ولي العهد الأمير سعود في المربع أيضا. ثم بناء مطار الرياض.
أما في عهد الملك سعود الذي بدأ عام 1373هـ فيرى فيلبي أن بناء قصور الناصرية هي الخطوة الأولى التي اتخذت لتطوير مدينة الرياض وتحديثها، وربط الناصرية بطريق عريض يصلها بالرياض القديمة، وتلت هذا الطريق شوارع أخرى، ويرى أن مجمع قصور الناصرية هو أجمل مباني الرياض. ويتحدث فيلبي عن التغيرات العمرانية التي حدثت في الرياض، فقد هدم الجامع الكبير المبني من اللبن والطين، وبني من جديد بالخرسانة، وهدم قصر الإمام تركي القديم، واستبدل بمبنى ضخم ذي تصميم على "الطراز الأجنبي، ويحتوي على المساكن ومجمع للمحاكم، ومكاتب لحاكم منطقة الرياض، وصالات عامة فسيحة". ويذكر أن المبنى التاريخي الوحيد الذي صمد أمام الرغبة في التحديث هو "قلعة" المصمك الشهيرة. ويتحدث عن مدينة الرياض الجديدة وحي الملز، وعن حديقة الحيوانات فيها، والفنادق الثلاثة التي أنشأت في عهد الملك سعود، وعن طريق المطار الذي بنيت على جانبيه الوزارات، كما يتحدث عن المستشفيات الحديثة، والمدارس، وجامعة الملك سعود، وعن ساحة البلدية، والمكتبة العامة الجديدة، ويقصد دار الكتب السعودية، ويتحدث عن ميدان سباق الخيل، وميادين كرة القدم، والحدائق المنتشرة في مدينة الرياض، وشبكة المياه.

وليام فيسي:


وهناك آخرون كتبوا عن التغيرات التي حدثت لمدينة الرياض، إلا أنهم لم يشاهدوا الرياض في زمنين، بل زاروا الرياض الحديثة، ودرسوا القديمة وكتبوا عن التحولات والتغيرات، ومنهم المؤرخ وليام فيسي الذي كتب مؤلفه الكبير "الرياض المدينة القديمة"، ووصف الرياض القرية وصفا يتفق في مجمله مع غيره ممن كتب عنها، وهو ينقل عنهم، ثم تحدث سريعا عن التغيرات التي طرأت على الرياض فقال، "مرت الرياض في عهد الملك سعود بنمو هائل، فقد قرر الملك أن تركيب المدينة الجديد يجب أن يعكس مكانتها كعاصمة لأمة حديثة. لقد أخلت طرز ووسائل البناء والتخطيط التقليدي المكان كلية للطرز والوسائل المستوردة. ومنذ ذلك الوقت أصبحت مواد البناء الأسمنت والخرسانة. وتم تصميم مخططات شبكة الشوارع والطرق الرئيسة لاستخدام السيارات، وتم توفير الخدمات المدينية الجديدة مثل، الكهرباء، وإضاءة الشوارع، وشبكات مياه الشرب، وشبكات الصرف الصحي. شهدت سنة 1953م إنشاء بلدية الرياض "يبدو أنه يقصد إنشاء البلدية كجهاز منظم وحديث، إذ من المستبعد أنه يجهل أن البلدية أسست قبل هذا التاريخ بسنوات" وأسند إليها تخطيط إدخال التغييرات على المدينة، وتوفير الخدمات الأساسية، وتخطيط الأراضي وتنظيم البناء والأسواق".