عمر ستار 

ينشط حساب السفارة اليابانية على الـ «فايسبوك» أكثر من أي سفارة أخرى بتشجيع من السفير الياباني في بغداد فوميو ايواي حتى وصل عدد متابعيه الى 100 ألف متابع، بل إن السفير الياباني بما يملكه من شعبية على الـ «فايسبوك» بات ظاهرة معروفة في العراق لا سيما بعد ظهوره في حزيران (يونيو) الماضي مرتدياً زي المنتخب الوطني العراقي ومتحدثاً باللغة العربية. «الحياة» التقت السفير الياباني في العراق وحاورته حول شهرته على الـ «فايسبوك» والعلاقات العراقية- اليابانية وغيرها من القضايا، وفيما يلي نص المقابلة.

> أصبح السفير الياباني ظاهرة في العراق، بخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي. كيف حدث ذلك؟ وهل خطط السفير لذلك مسبقاً؟

- في تشرين الثاني(نوفمبر) 2014، ومن أجل تعزيز نشر المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتحت سفارة اليابان في العراق حسابها الرسمي على الـ «فايسبوك». ومنذ وصولي إلى هنا في تشرين الأول(أكتوبر) 2015، أسفت دوماً لعدم تمكني من القيام بالعديد من نشاطات العلاقات العامة والتبادل الثقافي كما هو متوقع نظراً للوضع الأمني في هذا البلد. مع ذلك، منذ خريف 2016 وعبر استخدام حساب الـ «فايسبوك» هذا بفاعلية سعينا إلى تحسين نشر المعلومات للمواطنين العاديين في العراق. التوسع التدريجي للمتابعين هو إحدى أهم أولويات السفارة.

> هل يدرك السفير شعبيته المتزايدة في العراق؟ وهل ينوي استغلال هذه الشعبية؟

- يكاد عدد متابعي صفحة السفارة يصل إلى 100,000 وإنه لمن دواعي الامتنان أن الكثير من العراقيين يقرأون منشوراتنا. ومن خلال وسائل مختلفة، مثل صفحة الـ «فايسبوك» الشعبية هذه، أنا أفكر في الاستمرار في القيادة من الأمام لتعميق فهمهم اليابان.

> ما هي نشاطات السفير اليومية؟ كيف رأى بغداد؟ ما هو مكانه المفضل؟

- من أجل تعزيز العلاقات الثنائية الودية بين العراق واليابان على مدى واسع من المجالات، مثل السياسة والاقتصاد والتعاون الاقتصادي والثقافة، أنا أقوم بنشاطات مختلفة يومياً مثل تبادل الآراء والتباحث مع الأشخاص المعنيين بالعراق وغيرهم. أحب الأماكن التي يمكنني فيها التفاعل فعلاً مع الشعب العراقي في بغداد ومناطق أخرى. ولهذا السبب، أهتم بزيارة مناطق مختلفة في جميع أنحاء العراق بالقدر الذي يسمح به الوضع الأمني.

> ما هي الأمور المهمة التي يسعى السفير إلى تحقيقها في العراق؟ بخاصة في مجالات الثقافة والفن والرياضة والتربية؟

- قلت مسبقاً إن العلاقة بين العراق واليابان ممتازة في مدى واسع من المجالات، ومهمتي هي تعزيز هذه العلاقة وبناء علاقة متعددة الطبقة. وسنقدم الدعم بثبات لتحسين حياة الشعب، وإعادة إعمار العراق، وتعزيز العلاقات الاقتصادية. فضلاً عن ذلك، نأسف لتكرر الأزمات الإنسانية الجدية المتعلقة بالنشاطات الإرهابية في العراق، وأعتقد أنه من المهم دعم المساعدات الإنسانية والاستقرار في العراق. كذلك، كما هو محدد بوضوح في البيان الصحافي المشترك بين العراق واليابان في كانون الثاني(يناير) 2017، لدى كلا البلدين اهتمام كبير بتوسيع التبادلات التعليمية والأكاديمية، والتبادلات الرياضية بين اليابان والعراق. أما في ما يخص التبادلات الأكاديمية، نود الاستمرار في إقامة الندوات المشتركة مرة في العام بشكل يأخذ الأمان بنظر الاعتبار. بدأت الدروس اليابانية في جامعة بغداد في كانون الأول(ديسمبر) 2015. وأود أيضاً أن أركز على انتشار تعليم اللغة اليابانية في العراق. بالإضافة إلى ذلك، أقيم كأس السفير الأول للكاراتيه في آذار(مارس) 2017، وسنستمر في تشجيع التبادلات في مجال الفنون القتالية والرياضة.

وفي تشرين الثاني 2019 سنحتفل بالذكرى الثمانين لتأسيس العلاقات الديبلوماسية اليابانية – العراقية، ونعتزم تشجيع التبادلات في مختلف المجالات نحو تلك المناسبة.

> تمد اليابان العراق بمساعدات اقتصادية كبيرة. ما هو نوعها وحجمها؟

- تعهدت اليابان في مؤتمر المانحين الدوليين في 2003 بتقديم 3.5 بليون دولار أميركي كقرض، و1.5 بليون دولار منحة. وحتى تشرين الأول 2017، بلغ مقدار مساعدات اليابان للعراق 6.4 بليون للقرض الياباني و2 بليون للمنح. كما تركز اليابان مؤخراً على المساعدات الإنسانية للاجئين والنازحين والمجتمعات المضيفة المتأثرة بتنظيم «داعش». فضلاً عن ذلك، بعد 2003، شارك حوالى 8,000 متدرب عراقي. وفي 2008، تنازلت اليابان عن ديون العراق لها بمقدار 6.7 بليون دولار أميركي.

> في مجال الاستثمار، على رغم سمعة الشركات اليابانية في العراق، فإن دور اليابان محدود للغاية. ما هو سبب غياب الشركات اليابانية الكبرى عن العراق؟ وهل هنالك درجة معينة من التقدم؟

- بالأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع الحالية الأمنية والاقتصادية وغيرها في العراق، أعتقد أن الشركات اليابانية تلعب دوراً معيناً في العراق.

وعلى سبيل المثل، ثمة شركة يابانية تستثمر في شركة غاز البصرة، وهي تقوم بمعالجة الغاز المصاحب، وتلعب دوراً مهماً جداً في الاستخدام الفعال للموارد وتحقيق السلامة المالية في العراق. وشركات أخرى أسست مشروعاً مشتركاً مع شركة عراقية لبيع سيارات يابانية آمنة وأمينة وصيانتها للمواطنين العراقيين. وهنالك شركات يابانية شاركت في تطوير حقل نفط الغراف.

ومن وجهة نظر استثمارية، فليس من المعتاد الافتراض أن شركات أجنبية ستستثمر في أماكن لا تستثمر فيها شركات عراقية، لذا نتوقع أن يزداد الاستثمار المحلي من الشركات العراقية أولاً.

> كيف تقيم وضع العراق السياسي الحالي؟ وهل يبقي الخوف الشركات اليابانية بعيداً؟

- لقد حققت قوات الأمن العراقية والحشد الشعبي والبيشمركة النصر الكبير في الحرب ضد «داعش». ومع ذلك، الأمر المهم هو «ما بعد داعش». إذا تمكن الشعب العراقي من الاتحاد والعمل معاً نحو بناء الأمة فسيتحسن الوضع ويتقدم العراق. يقترب العراق من مفترق الطرق هذا حالياً.

> تمت مناقشة مشروع المصالحة في اللقاء الأخير مع السيد مقتدى الصدر. هل يمكننا توقع جهود طوكيو بهذا الخصوص؟

- أعتقد أن أهم شيء لمستقبل العراق هو أن يحب كل المواطنين من مختلف الأعراق والأديان والطوائف بلدهم من القلب ويعملوا مع بعضهم لبنائه، فالعراقيون أنفسهم أكثر من أي شخص آخر يجب أن يتحاوروا ويتحدوا لصناعة دولة جديدة. تقوم اليابان بجهود في ما يتعلق بالمصالحة الوطنية من خلال إقامة ندوات كل عام، لأعضاء مجلس النواب بشكل رئيسي، ولمشاركة الخبرات والمعرفة التي تملكها اليابان. وأنا مسرور أنه بإمكاننا دعم المصالحة في هذا النطاق. ومع ذلك، ففي النهاية يعود الأمر للعراقيين أنفسهم، وأتوقع أن يدرك كل العراقيين هذا ويبنوا مستقبلاً أفضل.

> وأخيراً، كيف يمكن العراق التعلم من تجربة اليابان بعد الحرب؟ وما هي خطة السفير لإيصال هذه التجرية إلى العراقيين؟

- في الحرب العالمية الثانية، دمر 90 في المئة من المدن الكبرى وعانت اليابان من الجوع أيضاً، ولكن عيون الاحتلال كانت باردة. وبما أن اليابان تمكنت من التعافي من مثل هذا الوضع، ونظراً لأن العراق يتسلم دعماً أكبر من المجتمع الدولي حالياً، فالظروف أحسن مما كانت لليابان؛ إذ لم يكن بالإمكان إعادة إعمارها آنذاك. ولهذا الغرض، فعلى كل مواطن أن يتصرف من دون التعلق بمصالحه الفردية لجعل العراق أفضل. أود أن أذكر أن أهم شيء هو أن يمتلك العراقيون الوعي لإعادة بناء العراق بجهودهم الذاتية