حسين شبكشي

 مع قراءة هذه السطور يكون ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في طريقه إلى القاهرة في أول زيارة خارجية له بعد توليه منصب ولاية العهد، وذلك ضمن جولة ستشمل بريطانيا والولايات المتحدة.

ليست هذه المرة الأولى التي يزور فيها ولي العهد السعودي مصر، ولكن هذه الزيارة تأتي وسط تغيرات كبيرة يشهدها البلدان على الصعيد المحلي؛ فالبلدان لديهما رؤية مستقبلية يسيران عليها، وهي بالمناسبة تحمل ذات المسمى 2030، ومن خلال الرؤية يشهد كل منهما العديد من المتغيرات الاقتصادية والثقافية، ويخوضان أيضاً حرباً مستمرة ومتواصلة على قوى الإرهاب والتشدد بصور وأشكال مختلفة.
أيضاً السعودية تسعى لتكوين شكل جديد لاقتصادها الذي كان تقليدياً على السلعة الواحدة، وهي النفط، وذلك لسنوات وعقود طويلة جداً من الزمن. كذلك تسعى للخروج من «عزلتها» عن العالم الطبيعي الذي قيدها وكبلها شلالات من القيود الاجتماعية والآراء المتشددة. وفي مصر تحاول الدولة إعادة الأمن والاستقرار وتطوير البنية التحتية وتحسين مناخ الاستثمار.
وقصة التحول الاجتماعي في السعودية باتت قصة الموسم، فهي حديث الناس حول العالم وخصوصاً أنها تحدث في زمن قياسي وتجد قبولاً من شرائح عريضة من المجتمع في مناطق مختلفة من البلاد، وهي بذلك تسقط حجة أن المجتمع غير جاهز ويرفض التحول الذي يحدث.

وفي مصر هناك حراك اقتصادي لافت ومهم يحدث، فالاقتصاد يتحسن، وعملة البلد تستقر، والدولار يوجد فائض غير مسبوق منه في البنك المركزي، والفائدة إلى انخفاض. مصر اليوم خامس دولة في العالم في ترتيب تلقي الاستثمار الأجنبي المباشر، 50 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية التي وجدت في تاريخ مصر تم إنجازها في آخر سنتين، 40 في المائة من الطرق السريعة في مصر تم إنجازها في آخر سنتين، بالإضافة لمشروع الطاقة النووية السلمية واحتياطي الغاز الهائل في حقل «ظهر» في البحر المتوسط وعودة السياحة إلى عافيتها، وتوسع الاستثمار الصناعي والزراعي بشكل لافت.
العلاقات السعودية - المصرية في حال ممتاز ومميز وهناك تناغم في معظم القضايا، وهذا طبعاً يغيظ نظام الانقلاب في قطر وتركيا وإيران وجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وتنظيم حزب الله الإرهابي وفي ذلك فائدة عظيمة. فالثقل والحمل العظيم على كتفي مصر والسعودية ليس بالقليل، فهما تمثلان سوياً ومن معهما من الحلفاء المخلصين حائط صد عظيماً أمام تدخلات المؤامرات الغريبة والتدخلات الإيرانية ومخططات عصابات الإرهاب والإجرام من أمثال «حزب الله» و«داعش» والإخوان المسلمين و«القاعدة» وغيرها.
هناك تحديات تواجه المنطقة، لعل أهمها التنمية والاستقرار ومنح الفرصة لظهور المواطنة الحقة التي تسمح بالعدالة الكاملة والفرصة السوية حتى يتم إبعاد أشباح الطائفية والمناطقية والمذهبية عن المنطقة لأنها الضمانة الوحيدة للاستقرار وتحقيق العدل، وهذه أسمى الأماني وأغلى المطالب ولا شك.
ترتفع أهمية مكانة العلاقة مع مرور الوقت وزيادة التحديات التي تواجهها، ولذلك يبدو من المنطق أن تتحول هذه العلاقة من علاقة «أخوية» بين دولتين «شقيقتين» تجمعهما علاقات «استراتيجية» إلى علاقات «مصيرية» يربط بينهما حبل «سري» واحد مشترك، هذه هي الحقيقة التي يجب أن تكون العلاقة المستقبلية.
يصف المراقبون زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر هذه المرة بالتاريخية لأنها ستسفر عن الإعلان عن مجموعة من القرارات الجديدة التي توصف بغير المسبوقة ستساهم في زيارة ترسيخ العلاقة بين البلدين بشكل ملموس ومستدام يبعدها عن تقلبات السياسة واختلاف وجهات النظر.
التقارب المصري - السعودي يصب في صالح المنطقة العام، ولا يخشاه وينتقده إلا كل عدو للمنطقة.