محمد الحمادي

 ونحن نحتفل بمئوية الشيخ زايد وبمرور ‫ربع قرن تقريباً على قيام دولة الاتحاد وتحقيق حلم الشيخ زايد، رحمه الله، في قيام الدولة، نكتشف أشياء كثيرة مهمة، منها أن الثروة الحقيقية في الإمارات لم تكن «النفط» الذي يستخرج من الأرض، وإنما هي رؤية ونهج زايد اللذان سار عليهما وتركهما لنا، وهذا ما يجعلنا نطمئن بأننا سنكون بخير، وأننا نمتلك ثروة لا تنضب أبداً، فنهجه ثروة متجددة ومستمرة ومستدامة، ونتعلم منه كل يوم شيئاً جديداً، وحتى في غيابه، فإن روحه ‏ونهجه الباقي يجعلنا محتفظين بقوتنا وتقدمنا وتميزنا.

في الأسبوع الماضي، تشرفت بإلقاء محاضرة في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بدعوة كريمة من الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، ‏مدير عام المركز، حول موضوع «زايد والإعلام»، وبقدر ما كان الموضوع مهماً بقدر ما كان صعباً، فالحديث عن الشيخ زايد والإعلام ليس بالحديث الهين، فشخصية زايد الكبيرة ليس من السهل الحديث عنها وعن كيفية استخدامه الإعلام، رحمه الله، حيث كان الحديث عن ذلك مثيراً، ونتذكر كيف استخدم الشيخ زايد وسائل الإعلام بطريقة عبقرية كي يوصل رسالته للجميع، ويخبر المواطنين في الإمارات التسع التي كانت تسير في مشروع دولة الاتحاد بما يحدث في اجتماعات حكام الإمارات، وفي الوقت نفسه كانت علاقة الشيخ زايد، رحمه الله، بالصحفيين والإعلاميين واحترامه لهم، مثاراً للاهتمام، فقد كان يعطيهم اهتماماً كبيراً، ويقدر دورهم، فهو يعرف أن الإعلام وسيلة مهمة لإيصال الرسالة التي يريد أن يوصلها، سواء للمواطنين على أرض هذه الإمارات، أو للعالم الخارجي، لذلك لاحظنا أنه التقى العديد من الصحفيين والإعلاميين العرب والأجانب، وقام بإجراء حوارات مطوّلة، سواء مع الصحف، أو الإذاعات، أو التلفزيون، ومن اللافت للانتباه اهتمامه الكبير بالإعلام الخارجي منذ البداية، فقد أمر سموه بتأسيس إدارة للإعلام الخارجي في دائرة السياحة والإعلام في أبوظبي عام 1968.

الفكر الذي كان يحمله الشيخ زايد يعكس مدى اهتمامه بالإعلام، ‏وهو النهج نفسه الذي تسير عليه قيادتنا اليوم في دولة الإمارات، فالإعلام له الأولوية الكبرى في الإمارات، وظهور الإعلام الجديد لفت انتباه القيادة في دولة الإمارات، كما أنه لفت انتباه المؤسسات الإعلامية، بحيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة مهمة يستخدمها الصحفيون والإعلاميون والمؤسسات الإعلامية، وقبل كل ذلك قيادة دولة الإمارات، فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ‏وحكام الإمارات، وأولياء العهود، أغلبهم يوجدون على الإعلام الرقمي، يتفاعلون مع الجميع، وهذا يؤكد أن قيادة الإمارات دائماً تؤمن بالإعلام والتواصل والشفافية.

كلما نفكر في ما فعله الشيخ زايد، نكتشف أنه لم يتوقف يوماً عن إبهار ومفاجأة من هم حوله لما يمتلكه من رؤية في أغلب المجالات، لذا فإن الإمعان في نهج زايد دائماً يلهمنا، ودائماً يكشف بأن الشيخ زايد معين لا ينضب، وأنه الثروة المتجددة، وإذا أردنا أن نحافظ على هذا الوطن، فعلينا ألا نفرط في ‏نهج زايد ورؤيته، فهما «النفط» الحقيقي والثروة الحقيقية لدولة الإمارات، وهذا الشيء الذي لا يمكن أن ينضب أبداً.