مصطفى السعيد

 أسلحة روسية لا مثيل لها فى العالم أعلن عنها الرئيس الروسى بوتين، منها الصاروخ سارمات المجنح الرهيب ذو المحرك النووى بمدى يصل إلى 11 ألف كيلو متر، والقادر على تخطى أى درع صاروخية، بقدرته على المراوغة وسرعته الفائقة، وكذلك الغواصات بدون غواصين، التى تصل إلى أعماق غير مسبوقة بطوربيدات نووية يستحيل اكتشافها أو التصدى لها، وصواريخ أخرى تفوق 20 مرة سرعة الصوت، وتزويد الصواريخ كروز برءوس نووية تكتيكية. هكذا جاء رد بوتين قويا وسريعا على ما يراه من تجاوز الولايات المتحدة الخطوط الحمراء، بتكرار ضرباتها الجوية للجيش السورى وحلفائه عدة مرات، ثم إقدامها على ضرب قوات روسية فى دير الزور، وتهديد الرئيس الأمريكى ترامب باستخدام أسلحة نووية صغيرة لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، ووصفها بأنها أسلحة نووية قابلة للاستخدام، وبدت التحركات الأمريكية وشيكة لتوجيه أقوى وأوسع ضرباتها إلى الجيش السورى بالحديث عن استعداد الجيش السورى لاستخدام أسلحة كيماوية فى أثناء اجتياحه الغوطة الشرقية لدمشق، وهو الاجتياح الذى تحاول الولايات المتحدة منعه بأى شكل، وفشلت فى استصدار قرار من مجلس الأمن يفرض هدنة غير مشروطة، لاعتراض روسيا التى أفرغت القرار من محتواه، باشتراط استثناء جبهة النصرة وكل من يتعاون معها.

كانت روسيا قد أرسلت طائرتها الأحدث من الجيل الخامس سوخوى 57 إلى قاعدة حميميم فى سوريا فى أولى مهامها القتالية، لتواجه أحدث الطائرات الأمريكية إف 22 التى كانت قد حطت على مدارج المطارات الإسرائيلية، استعدادا لشن الحملة على سوريا، والثأر من إسقاط طائرة الـ«إف 16»، لتصبح الأجواء السورية مهيأة أكثر من أى وقت مضى لصدام عنيف بين القوتين العسكريتين الأقوى فى العالم، ويبدو أن شبح اندلاع المواجهة سيظل يحبس أنفاس العالم، فالولايات المتحدة أعلنت أن قواتها فى شمال سوريا باقية، رغم انتهاء دورها بنهاية تنظيم داعش، لكنها بدأت فى تبرير استمرار السيطرة على الأراضى السورية شرق الفرات بذرائع جديدة، أولها ضمان عدم عودة داعش، وثانيها حماية حلفائها من أكراد سوريا ومجندين من معسكرات إيواء النازحين السوريين ورجال القبائل، وهو ما رأته روسيا وحليفتها سوريا احتلالا غير مشروع للأراضى السورية، فى الوقت الذى منح فيه البرلمان العراقى مهلة للحكومة لوضع جدول زمنى لمغادرة القوات الأمريكية الأراضى العراقية بعد القضاء على داعش، وخشيت الولايات المتحدة من أن تكون قواتها على وشك انسحاب جديد، وليس عودة جديدة. كانت الولايات المتحدة تتوقع أن تكون عودتها وفق سيناريو مختلف تماما، يتم فيه استقبال شعوب المنطقة لقواتها بالزهور، لكونها المنقذ الوحيد للمنطقة من داعش والجماعات التكفيرية بعد أن تفتك هذه الجماعات بدول المنطقة وتمحو حدودها وتدمر جيوشها وتذيق شعوبها الويلات، لتتربع أمريكا بكل ارتياح على عرش منطقة تتحكم فى عنق طاقة العالم، ويعاد تتويجها قوة وحيدة بلا منازع على أطلال المنطقة، التى سيجرى إعادة بنائها وفق المعايير الأمريكية، لكن النظام السورى صمد أطول مما كان ينبغي، وسقطت جماعة الإخوان فى مصر قبل الآوان، وجاء تدخل روسيا وإيران ليزيد من خيبة الأمل الأمريكية، ويقلب الأوضاع رأسا على عقب، وتضطر الإدارة الأمريكية إلى زيادة موازنتها العسكرية إلى معدلات قياسية، لتتجاوز 720 مليار دولار، رغم المصاعب الاقتصادية، وتجاوز الديون حاجز 20 تريليون دولار، فى محاولة لتثبيت هيمنتها على العالم كقوة وحيدة، لكن ها هى روسيا تواصل التحدى بكل قوة، واستفادت إيران من الحرب على داعش وتوطد نفوذها، بدلا من أن تأكلها نيران الحروب المذهبية والطائفية.

جاءت مرحلة ما بعد داعش بخطر المواجهة المباشرة بين التحالفين الأمريكى والروسي، ولأن الولايات المتحدة تفتقر إلى وجود قوات حليفة على الأرض، فقد حاولت استخدام الورقة الكردية الهشة بغطاء جوى قوي، لتعوض الضعف الميدانى على الأرض، وكان عليها أن تشن غارات على الجيش السورى وحلفائه، لتحدد لنفسها منطقة نفوذ تشمل كل الأراضى السورية شرق الفرات، حيث أغنى حقول النفط والغاز وسلة سوريا الغذائية، لتكون ورقتها فى أى مفاوضات حول مستقبل سوريا.

لقد كان بوتين واضحا فى رسالته عن الأسلحة الروسية الجديدة، وقال إن روسيا سترد بسرعة على أى ضربة لها أو لحلفائها، فى إشارة واضحة إلى الجيش السوري، الذى كان يجرى الإعداد لتوجيه ضربة له بمشاركة بريطانية وربما فرنسية، واستخدام السلاح الكيماوي، ليكون مبرر الضربة القوية الوشيكة على الجيش السوري، بما يعيد خلط الأوراق من جديد، ويمنح الولايات المتحدة وحلفاءها موطئ قدم جديد فى سوريا والعراق رغم خطورة هذا السيناريو، الذى يهدد باتساع نطاق المواجهة ليشمل إيران وإسرائيل، لكن إعلان بوتين عن أسلحة روسيا الجديدة، وتحليق الطائرة سوخوى 57 فى أجواء سوريا سيشكل أقوى درجات الردع لأى مغامرة عسكرية جديدة ضد سوريا.