علي سعد الموسى

على قناة «الظلام» التابعة لحزب حسن نصر الله، يقول من سمى نفسه المستشار الثقافي لرئيس المجلس الثوري السياسي الأعلى باليمن ما نصه: «إيران تستقبل اليوم بكل كرم وترحاب ما يقرب من ألفي طالب ومقيم يمني، وتفتح لهم أبواب جامعاتها بالمجان...إلخ». يضيف: «لقد عشت بالسعودية ما يقرب من عشرين عاماً من حياتي، شاهدت فيها احتقار المواطن اليمني وجربت إذلاله والتضييق عليه».


أكتب الآن، عصر الأمس، وأنا في الطريق لحضور محاضرة عن دور المملكة في تنمية اليمن واستقراره، فهل نحتاج إلى أدنى خبير أو مستشار ليشرح لنا تاريخ علاقات الشعبين؟ وأنا هنا أبداً لا أكتب من باب اليد العليا ولا من باب المنة على شعب شقيق عاش بيننا بالملايين، وبكل شرف وكبرياء وشهامة ومروءة.
ومن فمه أدينه، حين يتحدث مستشار ميليشيا الحوثي عن ألفي مواطن يمني يعيشون في إيران، سأتحدث هنا عن ما يقرب من أربعة ملايين شقيق يمني. رقم إيران الهزيل تستوعبه هنا مجرد شركة واحدة من بين آلاف الشركات السعودية والمؤسسات التي لا تخلو واحدة منها من نصيبها من أخي المقيم اليمني. تقول أرقام أخرى إن ما يقرب من أربعين مليون مواطن يمني شقيق قد عاشوا في السعودية على مدار العقود الماضية، وكانوا أيضاً سبباً، لا في فتح آمال ورفاه لحياتهم الخاصة فحسب، بل أيضاً صلب حياة لعشرات الملايين الأخرى من أهلهم عبر مليارات من التحويلات المالية التي يشكل السوق السعودي فيها، ووحده، أكثر من 90 % من الأموال المتدفقة إلى اليمن. ومرة أخرى، وللتأكيد فهذه الأموال نتاج جهدهم وحقوق عملهم الشريف في هذا البلد. حين يتحدث هذا الدجال عن عشرين سنة من الإذلال والتمييز ومن اعتساف الوقائع، فلا سؤال لدي إليه إلا: لماذا انحدرت كرامتك وعزتك إلى هذا الحد من القبول أن تقضي نصف حياتك وحتى أكثر فيما يبدو في قلب ما تدعيه من الإهانة. والجواب: لو لم تكن سعيداً آمناً بين أهلك، وفي بلدك الثاني لما كنت هنا لنصف العمر. اذهب إلى طهران ثم تعال لنتحدث عن الفوارق.