لطيفة العروسني

قرّر حزب العدالة والتنمية المغربي متزعم الائتلاف الحكومي في المغرب، إلزام قيادييه بـ«مدونة سلوك»، وذلك بغرض ضبط التصريحات الصادرة عن أعضاء أمانته العامة حتى لا تتعارض مع المواقف الرسمية للحزب، وعدم تسريب ما دار في اجتماعاته.

وقال سليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب، إن هذا الأخير أعد لائحة داخلية جديدة للأمانة العامة، وهي «بمثابة قانون ينظم اشتغالها، ويضبط العلاقات بين مكوناتها وبين مختلف مؤسسات وهيئات الحزب». وأشار العمراني إلى أنه، للمرة الأولى، جرى إقرار مدونة للسلوك خاصة بأعضاء الأمانة العامة، «تنص على الالتزام بحضور اجتماعاتها وتنفيذ تكليفاتها، والإسهام الفعال في تنمية عمل الحزب مركزيا ومجاليا، والحفاظ على أمانات المجالس، فضلا عن الالتزام بالمواقف الرسمية للحزب المعبر عنها في البيانات الصادرة عن الأمانة العامة أو عن الأمين العام، والانسجام في التواصل الخارجي مع تلك المواقف».
وربط متتبعون قرار الحزب إحداث «مدونة سلوك» خاصة بأعضاء الأمانة العامة للحزب بالتصريحات الأخيرة لعبد الإله ابن كيران الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة السابق، ضد الوزير عزيز أخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، وإدريس لشكر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، والتي تسببت في إحداث شرخ بين مكونات الغالبية الحكومية، سارع على إثرها قادة التحالف الحكومي إلى توقيع ميثاق مشترك تعهدت بموجبه الأحزاب الستة المشكلة للتحالف الحكومي وهي، العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية على «أنه في جميع الحالات تعمل الأحزاب المكونة للأغلبية على حل خلافاتها من داخل آليات الميثاق، وكذا الالتزام بمستوى عال من التنسيق والانسجام والدفاع المشترك والتضامن في تحمل الأغلبية لكامل مسؤولياتها الدستورية والسياسية لتدبير الشأن العام».
وتميز حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، طوال السنوات الماضية، بأنه يمنح أعضاءه حرية كبيرة في التعبير عن الرأي حتى وإن كان مخالفا للموقف الرسمي للحزب، رغم ما يسبب ذلك من متاعب لقيادته، ويقول إنه ليس «حزبا ستالينيا». إلا أن الظروف التي يمر منها حاليا منذ إعفاء أمينه العام السابق، وتعيين خلفه سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة، تجعله في غنى عن أي متاعب جديدة.سواء على المستوى الداخلي أو في علاقته بحلفائه.

في سياق متصل، نفى عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن يكون حزبه أصبح بديلا لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض في مواجهة الإسلاميين، وقال إن «التجمع» لم «يأت لكسر هيمنة أي حزب»، مشيراً إلى أن حزبه أقدم من «العدالة والتنمية»، وعمره 40 سنة، ولديه تاريخ وتراكم سياسي وكفاءات ورجالات ولن يلعب إلا الدور الذي يستحقه للمضي إلى الأمام. ووصف أخنوش، في برنامج تلفزيوني بث الليلة قبل الماضية «الأصالة والمعاصرة» بأنه «حزب محترم، له دور وما زالت له أدوار في المستقبل»، وذلك في إشارة إلى تحالف محتمل بين الحزبين مستقبلا إذا نجح حزبه في تصدر انتخابات 2021، كما يسعى لذلك منذ الآن.
وتوارى حزب الأصالة والمعاصرة المدعوم من السلطة عن المشهد السياسي في المغرب، بعدما فشل في تصدر الانتخابات التشريعية الماضية وقطع الطريق على «العدالة والتنمية»، كما كان مخططا له. ولعب ابن كيران دورا حاسما في تحجيم دور هذا الحزب وأمينه العام إلياس العماري بسبب سيل الاتهامات التي ظل يوجهها إليه. وحسب محللين فإن «التجمع» ورئيسه أخنوش، وهو رجل أعمال يراد له أن يلعب الدور نفسه ويستعد من الآن لكسب رهان الانتخابات المقبلة ليصل لرئاسة الحكومة، ما جعل ابن كيران، يخرج عن صمته، ليستعيد دوره من جديد ويحذر من «زواج المال والسلطة».
وفي موضوع منفصل، أرجأ أمس قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، الاستماع إلى عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية إلى 27 مارس (آذار) الحالي، وذلك بطلب من هيئة دفاعه. وكان حامي الدين قد تلقى استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق على خلفية شكوى جديدة تتهمه بالضلوع في مقتل طالب يساري في أحداث عرفتها كلية الحقوق بفاس عام 1993، وسبق للمحكمة أن إدانته فيها بسنتين سجنا نافذا. ويتهم حامي الدين حزب «الأصالة والمعاصرة» بتحريك الشكاوى ضده للنيل منه ومن حزبه.