باسكال بونيفاس

في يونيو 2018، من المنتظر أن يسمي الاتحادُ الدولي لكرة القدم، «الفيفا»، البلدَ الذي سيحظى بشرف تنظيم كأس العالم 2026. ويتعلق الأمر بأول مونديال تشارك فيه 48 دولة، وهو ما يثير اهتماماً وتشويقاً كبيرين. وهناك ملفان متنافسان: ترشح مغربي وترشح أميركي شمالي (تنظيم مشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا).

على الورق، يمكن القول إن الفائز معروف مقدماً. فسواء تعلق الأمر بعدد السكان أو الغنى، فإن التباين ضخم بين المغرب والقوى الأميركية الشمالية الثلاث. فمن جهة، هناك 34 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يناهز 100 مليار دولار؛ ومن الجهة الأخرى، هناك 500 مليون نسمة وناتج محلي إجمالي يناهز 20 ألف مليار دولار. ولكن الطرف الذي يبدو أضعف يمكن أن يخلق المفاجأة أحياناً.

المكسيك سبق لها أن استضافت كأس العالم مرتين (في 1970 و1986)، والولايات المتحدة مرة واحدة (1994). أما المغرب، فقد سبق له أن ترشح عدة مرات ولكن من دون أن يحالفه الحظ (1994 و1998 و2006 و2010). وعلاوة على ذلك، فإن المسافات يمكن أن تكون طويلة بالنسبة للمنتخبات والمشجعين، في حال فوز الملف الأميركي الشمالي، وذلك بسب المساحة الجغرافية الشاسعة للبلدان المنظمة، ثم هناك «تأثير ترامب»، إذ من الغريب أن تجعل الولايات المتحدة، التي ترغب في بناء جدار على حدودها مع المكسيك، من المكسيكيين شركاء لها.

هذه المرة سيكون لكل اتحاد وطني لكرة القدم صوت. ولا شك أن دونالد ترامب يمكن أن يكون له طابع طارد ومنفّر؛ إذ على الرغم من أنه لن يكون في الرئاسة في 2016، فإن 2018 هي السنة التي ستصوِّت فيها البلدان. وبالتالي، فمن هي البلدان التي لديها رغبة في منح دونالد ترامب هذا الفوز؟ ثم إن كأس العالم هذه ستكون أولاً وقبل كل شيء أميركية، بما أن ثمانين في المئة من المباريات تقريباً ستجرى على أراضي الولايات المتحدة. هذه الأخيرة، المستاءة بسبب عدم فوزها بتنظيم كأس العالم 2022، تعتبر أنها أحق بتنظيم المونديال هذه المرة؛ ولكن الأمر ربما لا يتعلق بمنح شرف تنظيم كأس العالم فحسب.

بعض المشاريع الأميركية ذاع صيتها عقب فضيحة الفيفا «فيفا-غايت»، حيث اقترحت أن تتولى إدارةَ كرة القدم شركةٌ خاصة مدرجة في بورصة نيويورك. غير أن هذه الأخيرة لم تعد تقدم ضمانات في ما يتعلق بالشفافية، وخاصة بالنظر إلى الفضائح المختلفة التي طالت البورصة في الولايات المتحدة. كما أن مشروع خصخصة كرة القدم هذا يمكن أن يكون خطيراً بسبب اللوبيات الأميركية التي يمكن أن تؤثّر على الدول أو المصوِّتين. ولهذا، يجب على الاتحاد الدولي لكرة القدم تعديل إدارته: أن تصبح أكثر شفافية وأن تغيّر طريقة الاختيار التي تعتمدها. وهذا هو ما يقوم بها في الوقت الراهن على كل حال.

بيد أن نقاط قوة المغرب يمكن أن تخلق المفاجأة. ذلك أن لديه عدداً من المؤهلات التي ينبغي إبرازها وتسليط الضوء عليها، بدءاً بحجمه. فالمغرب بلد يستطيع فيه المرء التنقل بسهولة لأن المسافات متواضعة نسبياً، وهذه مسألة تصب في مصلحة المنتخبات والمشجعين. وعلاوة على ذلك، فإن المغرب لديه بنى تحتية عديدة: ملاعب، وفنادق، وطرق سريعة، وسكك حديدية، سيتم تحسينها بحلول 2026، من دون أن ننسى القطار فائق السرعة. وفضلاً عن ذلك، هناك عامل القرب الجغرافي من القارة الأوروبية ومن آسيا، ولكن هناك أيضاً حفاوة الاستقبال المغربي الشهيرة. كما لا ينبغي إهمال الجوانب الجيوسياسية: ذلك أن المغرب هو في الوقت نفسه بلد أفريقي وعربي، ويمكنه بالتالي أن يكون بطل العالم العربي مثلما يمكنه أن يكون بطلاً للقارة الأفريقية. ثم إنه أيضاً بلد مسلم جد قريب من الغربيين، ويستطيع بالتالي أن يلعب دور جسر بين هاتين الحضارتين في وقت تتراكم فيه الغيوم الجيوسياسية.

إنها رسالة جيدة يمكن للمغرب، البلد المسالم، أن يبعثها. ومن أجل تقوية ملفه، يمكن للمغرب أن يقترح على بلدي المغرب العربي الشقيقين، الجزائر وتونس، المشاركة في التنظيم، وهو ما من شأنه أن يثبت حسن نواياه، من دون أن يقلل ذلك من جودة ترشحه.

وبالنظر إلى حالة الملف الحالية، فإنه يمكن تفهم آمال المغرب لأنه يمثل ترشح قربٍ جغرافي وبعدٍ إنساني مقارنة مع شساعة قارة بأكملها. كما أن الأمر يتعلق بترشح مسالم، مقارنة مع خطاب عدواني تمثّله الولاياتُ المتحدة اليوم عبر صوت رئيسها.

*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس