فهد الطياش

فرق كبير بين الشعور بالكراهية وبين الدفع للسقوط الجماعي في فخ الكراهية، فالشعور لدى الإنسان متباين ومتذبذب وفي حدود الإنسان الذي يحب ويكره ويسر ويعلن، وفي المقابل هناك زراعة وصناعة للكراهية والخوف والإحباط وغيرها من قائمة الأمراض الجماعية، فهناك استزراع مبكر لبذور تلك الأمراض وغرسها على شكل أفخاخ إلى أن يقع المجتمع في فخ الأسئلة أولاً، وبعد ذلك تبدأ تزهر بذرة المرض المنشود، ومن ثقافة الأسئلة تبدأ تتوالد منتجات المرض وبعدها يتم التصنيع والتعليب والتصدير أينما تريد.

وفي عالم صناعة الكراهية تطورت المنتجات ودخلت إلى ماركات وفنون التعبئة والتغليف من خلال توظيف حيل الإقناع وتأجيج المشاعر واستنهاض الخوف أو العنصرية وغيرها لتكون ضمن سلاح وهمي للتسويق في مواجهة ذلك الآخر أو العدو المندس بيننا ويجب الحذر منه.

وهكذا تدور عجلة الشك فتعمي العقول قبل العيون، فمنذ أكثر من عقدين نمت بذرة الكراهية في عالمنا العربي وبدأت في مناطق التردي العربي وانعدام الأمن وأولها في فلسطين حيث الاحتلال الصهيوني يسهل زراعة الكراهية العربية فبدأت كراهية الخليج بحجة عدم دعم «القضية»، وامتدت ألسنة نيران الحقد ودخلنا نفق الانحطاط العربي والذي يرتضي وجود فئة من المتلاعبين بالعقول والمشاعر لتمرير أمراض الكراهية والحقد في نفوسهم دون تصحيح مؤسسي فلسطيني.

وما يهمنا هنا هو ما يوجه ضدنا في المملكة وحتى لا تنمو بذور الكراهية في حقول الأسئلة، نعم بالأسابيع الماضية بدأت عمليات تجييش للكراهية في بلادنا من الداخل والخارج وعبر تهيئة حقول المناقشة لموضوعات بائسة وفي زمن حساس، ومنها فخ معركة التجنيس وفخ الـ»مع» أو»ضد» وليس تهديد الأمن الوطني.

والآن ندخل نفقاً آخر عبر نتائج استبيان غير علمي ومن جهة مجهولة ويستعرض مواقف لمواطنين من دول عربية وإجاباتهم المجهولة وغير العلمية المبنية على ما يسميه علماء النفس الاجتماعي «تفكير التمني». استبيان وهمي لفتح حقل من حقول التمني والحقد المدفون لإفلاس المملكة، فننهض لمحاربة الحاقدين ويجهل علينا جاهلون فنجهل وتبدأ معركة جاهلية فنخسر في حرب بسوس، والحكمة أن تتصدر المشهد جهة توقف الانزلاقات في فخ الحاقدين، فدوام الغفلة يعمي البصيرة.