عبد المحسن يوسف جمال

 من يقرأ كتاب «نار وغضب» لمايكل وولف عن الرئيس الأميركي الجديد، يكتشف مدى الضحالة السياسية التي تكتنف السياسيين الأميركان، ومدى هشاشة الوضع السياسي في واشنطن، وكيف أن من يخطّط جيداً وبمساعدة الحظ يمكنه أن يصل إلى ما يريد.. فالشعب الأميركي مغيّب عن كثير من الحقائق، والذي يدير المشهد السياسي هناك يحتاج «جرأة قليلة» و«مغامرة شجاعة» و«كثيراً من الحظ المخطط له» ليتربّع على أعلى المناصب.
فالطريف أن «بائعي الفرص» يملأون زوايا واشنطن وعلى استعداد لخدمة الطامحين في هذه المدينة التي «يخشاها العالم كله».
ترامب فَهِم «اللعبة السياسية» هناك، مع أنه لم يتسلم أي منصب سياسي من قبل.. ونجح من خلال هجومه على كل سياسيي واشنطن، حيث وصفهم بأقسى الأوصاف واستمال بذلك الشعب المضطهد والمعاني من فساد السياسيين، والذي يعاني من البطالة وشظف العيش.
والكتاب يتكلم عن أسلوب تعيين موظفي البيت الأبيض، هذا المكان الذي يتلهف أغلب حكام العالم لنيل رضاه، وهو اليوم يسكنه ترامب الذي بدأ يستخدم «التخويف» لاستمالة حكام العالم أو «ابتزازهم المالي»، وهي السياسة التي كان ينادي بها أثناء حملته الانتخابية.
يوضح الكتاب دور «يهود أميركا» في التأثير في القرار السياسي، الذي جاء لمصلحة ترامب ذي الأصهار اليهود الذين بدأوا يتعاملون مع العالم، بما في ذلك فرص السلام في الشرق الأوسط، وفقاً للرؤية الإسرائيلية، التي جعلت ترامب يعين صهره اليهودي بلا تردد ولا مبالاة ليحل مشكلة الفلسطينيين العرب، بما فيها القدس قبلة المسلمين الأولى.
كل ذلك يستطيع القارئ أن يستنتجه من الكتاب من بين سطوره وما وراء السطور.
الكتاب يعطي رؤية جديدة غير براقة عمّا كنا نتخيله عن سياسيي واشنطن، حيث بيّن الكتاب أن بريق السياسة الأميركية لن يكون كما كان العالم يتخيله، وأنه سوف يتهاوى شيئاً فشيئاً في العالم كله، وليس في أميركا فحسب.. ويوضح مدى إمكانية الروس في اختراق الحملة الانتخابية الرئاسية، التي هي موضع تحقيق جاد قد يؤثر في حكم الرئيس ترامب.. وأن قرارات البيت الأبيض في عهد ترامب هي أحد ملامح هذا الانهيار، الذي بدأنا نتحسّسه في الشرق الأوسط، والذي جعل أصدقاء أميركا يتخوّفون من ذلك.
ويطلق الأميركان اسمي قُصي وعُدي على ابني ترامب، كما يقول المؤلف.
فشكراً لمايكل وولف الذي كتب هذا الكتاب ونشره على العالم، ونحن بانتظار آخر.