ألبرت هانت

يلقى التحول المفاجئ في العلاقة بين الرئيس رونالد ترامب، والرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون، الترحيب الكبير على افتراض أنه سيتم بالفعل. وسوف يكون نجاح هذه القمة لمصلحة العالم أجمع. وقد عرفنا عن ترامب أنه الرجل الذي يحاول أن يكون الفائز دائماً. ويتمنى «كيم» من جهته أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية ضد بلاده، وأن يضمن البقاء في الحكم على المدى البعيد.

وتتمنى كوريا الشمالية أن تتجنّب احتمالات اندلاع صراع مباغت يُحتمل حدوثه في شبه الجزيرة الكورية، وهو الشيء الذي تخافه أيضاً كل من الصين واليابان.

ويبدو لي أن احتمال النجاح أضعف من احتمال الفشل الذي ستكون له نتائج خطيرة، إذ يتضح أن الأمل بأن يتخلى «كيم» عن أسلحته النووية ضئيل جداً، وربما يكون واهياً. وأقصى ما يمكن للرئيس ترامب أن يفوز به من لقاء القمة هو تجميد البرنامج النووي والصاروخي الكوري الذي اقترب من مرحلة تهديد الولايات المتحدة واستهدافها.

وتسود الدوائر السياسية في واشنطن وعواصم حليفة أخرى شكوك حول قوة الاستعداد الأميركي لخوض هذه الجولة من المفاوضات، لاسيما أن ترامب لا يبدو في أفضل استعداداته الفكرية. وفي اليوم الذي أعقب الإعلان المفاجئ عن الاتفاق على عقد المحادثات، ظهر وكأن البيت الأبيض يحاول التراجع عن موقفه من خلال التلميح باحتمال وضع شروط مسبقة لعقد الاجتماع. وهذا يعدّ دليلاً على إغفال العديد من الاعتبارات المهمة عندما اتخذ ترامب قراره المفاجئ بلقاء «كيم».

وإلى ذلك، فإن إدارة ترامب تفتقر لخبرة التعامل مع كوريا الشمالية، ولا تتوافر للبيت الأبيض حتى الآن معلومات استخباراتية كافية تتعلق بشخصة «كيم»، كما أن الرأي العام الأميركي بقي في الظل فيما يتعلق بهذه القضية. ورغم عنصر الإثارة الذي رافق إعلان الخميس عن المحادثات المقبلة، فإن المشاكل الأساسية والخطيرة القائمة بين الطرفين لا تزال على حالها ودون ظهور أي بوادر حقيقية لحلها. كما أن المحادثات ذاتها والتي يُفترض حتى الآن أن تتم في نهاية شهر مايو المقبل في مكان لم يتم الاتفاق عليه، ستكون بين ترامب، وكيم دون أن يكون للصين مكان فيها.

ويعتقَد أن العلاقة بين الصين وكوريا الشمالية تفتقر لعنصر الاحترام المتبادل، وهي أشبه بزواج المصلحة. ومن مؤشرات ذلك أن السفير الصيني في بيونج يانج لم يقابل «كيم» ولا مرة واحدة. ولا ترغب الصين بأن ترى كوريا الشمالية وهي مسلحة بالقنابل الذرية، لكنها أيضاً لا تريد انهيار نظام «كيم»، إذ سيؤدي ذلك إلى امتداد النفوذ الأميركي في شبه الجزيرة الكورية كلها.

وماذا عن تهديد ترامب بتنفيذ ضربة استباقية ضد كوريا الشمالية؟ وهل تمثل الحل البديل لو فشلت المحادثات؟ في ضوء الاحتمال الضعيف بأن تتمكن القنابل الأميركية من تدمير كل الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، فإن 10 آلاف بطارية مدفعية سوف تمطر مدينة سيؤول بسكانها البالغ عددهم 10 ملايين، علاوة على القواعد العسكرية الأميركية في كوريا الجنوبية.

ويزعم بعض صقور الحرب أن «كيم رجل مجنون ومتهوّر». لكن إذا كان الأمر كذلك، فسوف تندرج كل الخيارات المتاحة للتعامل معه في إطار الجنون المطبق، وينبغي أن يتركز الهدف المنشود من التفاوض على اختيار الحل الذي يضمن تحقيق أقل قدر من الضرر.

بيد أن هناك أيضاً من يعتقدون بخلاف ذلك، ومنهم المحلل «جونج باك» من «معهد بروكينجز» التابع لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، والذي قال خلال لقاء تلفزيوني مؤخراً إن «كيم أكثر ميلاً للتعقل من ميله للانتحار»، وإنه لا يريد الدخول في صراع قد يؤدي إلى دماره فيما لو كان هو البادئ بتنفيذ الضربة الأولى.

ألبرت هنت

 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»