سارة العكاش

على سبيل التنمية، تأتي القاعدة التي تقول.. يمثل الشباب نصف ملامح الحاضر، والأوطان لا تبنى إلا بسواعدهم. فجميع الأمم تدرك أن هذه الشريحة تسهم بشكل فاعل في استشراف آفاق الغد، والشعوب تراهن دوما عليها في كسب رهانات المستقبل كونها عنصرا أساسيا يحدث تحولا تنمويا في تكوين الدول.
ومن هذا المنطلق يصبح تطوير قدراتهم متطلبا من متطلبات الحراك التنموي. ولا يكون ذلك إلا بتعزيز ثقافة الحوار لديهم في أي محفل كبداية أساسية للبناء. فحين يسود هذا العامل تسود الحضارة في كل شيء وأعني بكل شيء «تسود الحضارة الفكرية» في أي وسط من الأوساط الاجتماعية. خاصة في زمن يطغى فيه العنف وجرائم الإرهاب، وتنتشر لغة التكفير والصور المغلوطة عن بعض المجتمعات والدول، ويظهر كأن الحوار مقطوع بين أتباع مختلف الثقافات، وهذه دعوة ملحة إلى إعادة إنتاج لغة الحوار والسلام وحق الجميع في الأمن والاستقرار، وذلك بمثابة نوع من التفكير خارج العصر لمحاربة التطرف والتعصب الذي أصبحت أحداثه الإعلامية شبه روتينية. 
وباعتبار الحوار أحد وسائل نقل الأفكار وتبادل الآراء للوصول إلى أهداف محددة ومقصودة، ومن بينها نشر ثقافة السلام محلياً ودولياً وترسيخ آليات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة. ويتوقف نجاحه على مدى التزام أطرافه بالفنيات والمهارات والآداب في تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم والتي تمثل مدى شيوع تلك الثقافة ومهاراتها لدى ممارسيها. 
وبصدد هذا الموضوع، ينشرح الصدر أمام المبادرات التي تسعى إلى محاربة هذا الواقع لما لها من عمق أكاديمي ودبلوماسية سياسية، وفي مقدمة هذه المبادرات الإيجابية الأعمال التي يقدمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، حيث قطع شوطاً كبيراً ومهماً في تعزيز ثقافة الحوار في المجتمع خلال السنوات العشر الأخيرة. من بينها مشروع «سلام للتواصل الحضاري» الذي تم إطلاقه منذ فترة. وعمله القائم على إعداد الشباب السعوديين وتزويدهم بالبرامج التدريبية اللازمة التي تمكنهم من تقويم الأفكار وتفنيدها، وتعميق لغة الحوار والتفاهم لمعالجة المشكلات الفكرية. كالمشاركة في المؤتمرات الدولية والفعاليات لنقل ثقافة المملكة للدول الأخرى. كما يقوم المشروع بتعليم الشباب كيفية التعامل مع المشكلات التي يتم طرحها في الندوات والمؤتمرات العالمية وكيفية الرد عليها وإيجاد حلول سريعة لها. فهدف المشروع الأساسي هو تأهيل الجنسين ليكونوا دبلوماسيين بدرجة كافية لإجراء مثل هذه الحوارات، وإعداد جيل واع ومدرك لما 
يدور حوله ويقوم بتصحيح الأخطاء الشائعة التي يمكن تداولها في كثير من اللقاءات الفكرية على مستوى العالم. 
الظرف الحالي للمملكة يقتضي تغييرات مغرية بالتحول إلى إستراتيجة عمل جديدة قائمة على الاستثمار في الشباب، وخلق مشاريع تحاكي الفكر والمساهمة في تبني أنظمة وتشريعات تنبذ العنصرية والتعصب والكراهية.