سمير عطا الله

 أمضى اللبنانيون أول من أمس آخر سهرة خميس مع البرنامج الحواري «كلام الناس» على قناة «LBCI» الذي ينتقل صاحبه الزميل مرسال غانم إلى «MTV» بعد ثلاثة عقود من الشاشة الأولى.

ورغم أنه مجرد انتقال من قناة لبنانية إلى أخرى، فقد كان الوداع مؤثراً، اختلطت فيه دموع التلفزيون الفريد بدموع أسرة البرنامج بدموع اللبنانيين، الذين أبرق باسمهم الرئيس سعد الحريري إلى غانم معبراً عن مشاعر الامتنان لثلث قرن في حياة لبنان السياسية والإعلامية.
لم يأتِ أحد على ذكر محطة «MTV» التي أغرت غانم على ما يبدو، بعقد غير مسبوق في تاريخ تلفزيون لبنان. ويجيء ذلك وسط مرحلة من التنافس الشديد بين القنوات الرئيسية. ويبدو أن «MTV» تتقدم الآخرين في حجم المشاهدة والموازنات الإعلانية، وتعتبر البرامج الحوارية جزءاً أساسيا من عناصر التنافس.
قبل خروج مرسال غانم من «LBC» غادرها قبل سنوات شقيقه جورج غانم، مذيع النشرة الإخبارية، الذي وصفه في كلمة الوداع بأنه «أستاذي وأخي». وقد لعب الشقيقان دوراً في تأسيس وقيام «LBC»، وقد لمح مرسال إلى ذلك بسرعة، ولكن بمرارة.
ذهب جورج غانم بعد خلافه مع المحطة ليصبح مستشاراً للرئيس ميشال سليمان. وكان العرض نوعاً من حفظ الكرامة لأبرز وجه إخباري في مرحلته. وأفتح قوسين لأذكر أنه كانت للرئيس سليمان نظرة خاصة إلى الصحافة وأهلها وقضاياها.
كانت آخر حلقة من «كلام الناس» برنامجاً جذاباً متقن الإخراج، وكأنه فيلم وثائقي. بدا فيه مرسال غانم شاباً كامل الشعر الأسود، وأصبح الآن، مثل معظم من يمر بهم ثلث قرن، خالي الشعر، أبيض البقايا. لكن الصورة العامة كانت صورة نجم وطني يقابل رؤساء العالم، من جاك شيراك إلى ميخائيل غورباتشوف، أو يجمع التبرعات الكبرى للأطفال المرضى، أو للعجزة، واضعاً شهرته في خدمة القضايا الاجتماعية.
كل هذا جعله أكثر من مقدم برنامج ناجح. وامتدت شعبيته بصورة خاصة إلى بلدان الاغتراب حيث كان يدعى ليقدم مهرجاناتها. وفي اعتقادي أن التلفزيونات اللبنانية سوف تدخل مرحلة جديدة من التنافس، خصوصاً في الحوار السياسي والوجوه القديرة. لكن مرسال غانم سوف يحمل معه، أينما حل، شخصيته وأسلوبه و«قه قه قه»، أي ضحكته، وشريكته الساخرة في تقديم البرنامج.