فاتح عبدالسلام
نتحدث كثيراً في دولنا العربية المتعبة بالفساد العقلي قبل المالي والاداري والاخلاقي ، عن العدالة الاجتماعية.
وفي مواسم الانتخابات نتبارى في شعارات العدالة والمساواة، من دون أن يكون لأيّ مرشح أدنى فكرة عن العدالة الاجتماعية، ولا أقول برنامجاً ، فتلك كلمة ثقيلة لا مكان لها في المياه الضحلة التي يخوضون فيها. ليست هذه السطور مكاناً لتعريف فلسفي أو اجتماعي ، فالتعاريف والمفاهيم مكانها الكتب التي رصفوها على الرفوف الأنيقة من دون أن تمر عليها عين.
وقائع نمط الحياة المستقرة بالقوانين في دول العالم ،التي بعضها لايمتلك دستوراً أصلاً ، تعطينا فكرة عن معنى العدالة الاجتماعية التي لها قدمان تمشي بهما في الشارع وتدخل البيوت والمصانع والمزارع.
حين تخرج من العاصمةفي أي بلد يراعي معنى العدالة، وتمّر ببلدة صغيرة في ضاحية بعيدة ، ترى شكلاً من المصالح الصحية والخدمية والاقتصادية والمعيشية ، مشابهاً لما وجدته في العاصمة أو المدينة الكبيرة ، فالناس في العواصم والمدن هائلة السكان ليسوا بأفضل من مواطني البلد الذين يسكنون في بلدات ونواح بعيدة.
انهم جميعاً متساوون بنوعية الخدمات التي يتلقونها، حتى الكمالية منها ، حيث تجد أسواقاً مصغرة لنفس النوعيات والماركات الموجودة في العاصمة ، إذ تسير العجلة الاقتصادية لرجال الاعمال في القطاع الخاص بمصاحبة ذات معنى مع العدالة في تقديم الخدمة والترفيه معاً، تلك العدالة التي تربى عليها الجميع. لامعنى أن تكون محصناً بشروط صحية عالية في العاصمة والمرض يفتك بمدن صغيرة وقرى نائية، أو أن تكون مرفهاً في مدينة كبيرة ومنتهك الحقوق ومحروماً في الريف. بل لا يحق لتلميذ في العاصمة أن يكون له من الاهتمام في الخدمات التعليمية بما يتفوق به على تلميذ كتب عليه السكن والدراسة في ناحية قصية.
هل يعي رؤساء الحكومة في بلداننا أنّه حين يقسمون لتسنم مناصبهم، لا يستثنون شبراً واحداً من بلدانهم ولا مواطناً واحداً، من حيث شموله بالإخلاص والتفاني في العمل من أجله.
إنّه قسم مختلف في روحه، لا يختص كما في جمهوريات الموز”الشرعية” بمناطق خضراء دون الحمراء ومناطق سوداء دون البيضاء .
حين تتحقق العدالة الاجتماعية بهذا المفهوم العملي، لا يهاجر ابناء البلد مهما أصابته النكبات ، لأنّ الناس متساوون في السراء والضراء.
التعليقات