مشاري الذايدي

الصورة الثلاثية التي جمعت قادة روسيا وإيران وتركيا، في العاصمة التركية أنقرة، للبحث في الموضوع السوري، تلخص المشهد العربي الكئيب اليوم.

الدول الثلاث اتفقت، وبابتسامة عريضة، رغم تباين العقائد السياسية التي تحركها، وتضارب التحيزات في سوريا، فروسيا وإيران هما سبب بقاء نظام بشار، بينما تركيا الإردوغانية دقت طبول الحرب «الكلامية» على النظام الأسدي منذ البداية، ورسم رجب طيب إردوغان العديد من الخطوط الحمر لبشار بسوريا، مثل أنه لن يسمح بحماة ثانية في حلب... ولاحقاً... كفى الله المؤمنين القتال. بحسب بيان مشترك صدر بعد القمة التي جمعت رؤساء الدول الثلاث بأنقرة، فإن الدول الثلاث تعمل «لإحلال السلام والاستقرار في سوريا»! نعم - حضرتك - روسيا من قاعدتها في حميميم وطيرانها الحربي بالغوطة وشمال سوريا، وإيران من خلال عصابات قاسم سليماني وميليشيات نصر الله والخزعلي، وتركيا من خلال كتائب الإخوان ومراكز الإيواء في غازي عنتاب لمقاتلي الجماعات الأصولية السورية، كلها «تعمل على إحلال السلام بسوريا». الأمر واضح، وما جرى في أنقرة هو نسخة «إقليمية» على غرار مؤتمر يالطا بعد الحرب العالمية الثانية لتقسيم غنائم الحرب وتقاسم النفوذ العالمي.

في المؤتمر الصحافي الذي جمع روحاني وبوتين وإردوغان، قال روحاني: «اليوم نعلن رسمياً نهاية الحرب بسوريا». فيما قال بوتين: «اتفقنا على التعاون في تسوية الأزمة السورية». وأخيراً قال إردوغان إن «من لا يفهمون أن (داعش) والمسلحين الأكراد يخدمون الهدف نفسه لا يمكنهم المساهمة في إرساء سلام دائم بسوريا».

ربما الأمر الوحيد الذي قد «يلخبط» حسبة توزيع المغانم في أنقرة، هو تراجع الرئيس الأميركي ترمب عن قراره «العجيب» بالخروج من سوريا، عقب اجتماع له مع مجلس الأمن القومي الأميركي، كان فيه الصقر مايك بومبيو حازماً في خطورة هذا الخروج المتعجل على مصالح أميركا، لجهة استتباب الهزيمة لـ«داعش» ولجم إيران، وافقه على ذلك وزير الدفاع ماتيس، حسب «الشرق الأوسط».

حسناً... هذه دول كلها غير عربية، بعضها من جوارنا، إيران وتركيا، وبعضها من أقاصي الأرض، روسيا وأميركا، أين الدول العربية؟

بل أين أبطال القصة السورية الأصليون... بشار وخصومه؟!

صورة بوتين وروحاني وإردوغان وهم ينثرون الابتسامة ويتشابكون الأيدي بأنقرة يبحثون مستقبل سوريا... صورة الموسم.
الملك العربي الضليل امرؤ القيس، في طريق عودته من ملك الروم، مرض بالطريق عند جبل قريب من أنقرة اليوم، وبعضهم قال بأنقرة نفسها، فلما احتضر أنشد يقول، وقد رأى امرأة بجواره:

أجارتنا... إنَّ المزار قريبُ/ وإنِّي مقيمٌ ما أقامَ عسيبُ‏
أجارتنا... إنَّا غريبان ها هنا/ وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ!‏