أسامة سليمان من فيينا

توقع تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي انتعاشا ملموسا في القطاع غير النفطي في السعودية في وقت لاحق من العام الجاري، لافتا إلى أن الاقتصاد السعودي يعيش بشكل عام حالة من الانتعاش.

وأشار التقرير إلى أن هدف المملكة على المدى الطويل هو إنهاء اعتماد البلاد الكامل على النفط، وهذا هو حجر الأساس الذي يدعم رؤية 2030 وأهداف برنامج التحول الوطني 2020.

ويرى التقرير الدولي أن السعر العالمي للنفط الخام في المستقبل القريب لا يزال هو مفتاح التنمية في العديد من الدول المنتجة ومنها السعودية التي تقود الجهود الدولية لتشجيع الدول المنتجة في منظمة أوبك وخارجها على زيادة الالتزام بتقييد الإنتاج من أجل دعم الأسعار.

وأوضح التقرير أن الاقتصاد السعودي قطع خطوات جيدة نحو الانتعاش حيث تظهر الأرقام الأخيرة إلى أن الاقتصاد عاد إلى النمو الإيجابي في بداية عام 2018 بعد استقرار نسبي في الربع الرابع من العام الماضي، مشيرا إلى وجود حالة جيدة من الإنفاق العام العالي على البنية التحتية.

وبشأن الصين ودورها في أسواق النفط، أفاد التقرير أن إطلاق بورصة شانغهاي الدولية للطاقة أول عقود النفط الآجلة في الصين في 26 آذار (مارس) الماضي يمثل انفتاحا ناجحا على السوق الدولي مشيرا إلى أنه قبل إطلاق العقود الأجلة كان المشاركون في السوق المحليون والدوليون كانوا يتألفون من المستثمرين المضاربين أو شركات النفط الذين يتطلعون إلى تخفيف المخاطر في أسواق الخام.

إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن الانخفاض المفاجئ في مستوى المخزونات الأمريكية دعم الأسعار بشكل جيد، كما أن المخاوف من الحرب التجارية الأمريكية الصينية تقلصت أيضا مما قلل بدوره حالة القلق على النمو الاقتصادي العالمي في الفترة المقبلة.

وأضاف شتيهرير أن اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده أوبك بالتعاون مع دول خارج أوبك يشهد تطورات إيجابية مستمرة ومستوى امتثال مرتفع من قبل جميع المنتجين المشاركين مشيرا إلى تراجع إنتاج أوبك إلى أدنى مستوى فى 11 شهرا ما يعزز فرص نجاح واستمرارية الاتفاق في الفترة المقبلة.

وأظهر مسح أن إنتاج نفط "أوبك" تراجع في آذار (مارس) إلى أدنى مستوى في 11 شهرا بفعل انخفاض صادرات أنجولا وتعطيلات في ليبيا ومزيد من الهبوط في إنتاج فنزويلا، لتصل درجة الالتزام باتفاق خفض المعروض إلى مستوى قياسي جديد.
وضخت منظمة البلدان المصدرة للبترول 32.19 مليون برميل يوميا الشهر الماضي بانخفاض 90 ألف برميل يوميا عن شباط (فبراير)، والرقم الإجمالي للإنتاج في الشهر الماضي هو الأدنى منذ نيسان (أبريل) 2017.

وزادت نسبة التزام المنتجين بالاتفاق إلى 159 في المائة من التخفيضات المتفق عليها مقارنة بـ 154 في المائة في شباط (فبراير)، ولا يوجد ما يفيد بقيام منتجين آخرين برفع الإنتاج للاستفادة من ارتفاع الأسعار أو تعويض التراجع في إنتاج فنزويلا.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، إن الانقطاعات الإنتاجية المتعددة التي حدثت بالتزامن مع بعضها البعضأدت إلى تقليص المعروض النفطي على نحو حاد، ومثال على ذلك تراجع الصادرات النفطية في أنجولا وانقطاعات الإنتاج المتكررة في ليبيا، إلى جانب التهاوي السريع والحاد في مستوى الإنتاج في فنزويلا.

وأعرب ليديسما عن اعتقاده بأن الإنتاج الأمريكي يسعى حثيثا إلى ملء تلك الفراغات في المعروض النفطي عبر إنتاج كثيف وسريع من مختلف حقول النفط الصخري، كما أن هناك كثافة غير مسبوقة في استثمارات الطاقة في الولايات المتحدة معتبرا أن "أوبك" قد تخسر نسبيا في حصتها السوقية ولكنها ستكسب على المدى الطويل من استقرار وتوازن السوق وتعافي الأسعار.

ومن ناحيتها، ترى مارجوت لودن المستشارة في شركة "إيروجاس"، أن صناعتي النفط والغاز تحتاجان في هذه المرحلة إلى المزيد من الابتكار لأنه على حد تعبيرها يلعب دورا أساسيا في تحقيق أمن الإمدادات، مشيرة إلى أن مستقبل صناعة الغاز الطبيعي في أوروبا واعد للغاية وسيشهد الكثير من التطورات الإيجابية في السنوات القليلة القادمة.

وأضافت لـ "الاقتصادية"، أن أسواق الطاقة أصبحت تتمتع بديناميكية عالية وتفاعل أوسع مع العوامل الجيوسياسية لافتة إلى أهمية تمتع الصناعة بمرونة عالية وكفاءة فائقة لاستيعاب تأثير العوامل المفاجئة، كما أن السوق تأثرت خلال الفترة الماضية بمخاوف على النمو الاقتصادي بسبب تصاعد المواجهة التجارية الأمريكية الصينية إلا أن هذه المخاوف تتجه الآن إلى الانحسار التدريجي.
من جهة أخرى، وعلى صعيد الأسعار، صعدت أسعار النفط أمس بدعم من بيانات للحكومة الأمريكية أظهرت انخفاضا غير متوقع في مخزونات الخام فضلا عن انحسار التوترات بشأن نزاع تجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وبحسب "رويترز"، زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة تسليم أيار (مايو) 20 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 63.57 دولار للبرميل، بعدما انخفض 14 سنتا في آخر تسوية.

وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت في عقود شهر أقرب استحقاق تسليم حزيران (يونيو) 27 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 68.29 دولار للبرميل بعد انخفاضه عشر سنتات في آخر تسوية.

وتلقى النفط دعما من صعود الأسهم العالمية بعدما أبدت الولايات المتحدة استعدادها للتفاوض على حل بخصوص التجارة بعدما دفعت رسوما أمريكية مقترحة على واردات صينية قيمتها 50 مليار دولار لرد بكين سريعا بفرض رسوم جمركية على واردات أمريكية.

وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة هبطت الأسبوع الماضي على عكس التوقعات مع زيادة إنتاج مصافي التكرير، بينما تراجعت مخزونات البنزين وارتفعت مخزونات نواتج التقطير.
وأظهرت بيانات من إدارة المعلومات أن مخزونات الخام هبطت 4.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الـ30 من آذار (مارس) بينما كان محللون شملهم استطلاع قد توقعوا زيادة قدرها 246 ألف برميل.

وارتفعت المخزونات في مركز التسليم في كاشينج في أوكلاهوما 3.7 مليون برميل، وزادت مصافي التكرير استهلاك الخام بواقع 141 ألف برميل يوميا، وارتفعت معدلات تشغيل المصافي 0.7 نقطة مئوية.

وأشارت بيانات إدارة المعلومات إلى أن مخزونات البنزين تراجعت بمقدار 1.1 مليون برميل بينما كانت توقعات المحللين تشير إلى انخفاض قدره 1.3 مليون برميل.

وارتفعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بواقع 537 ألف برميل بينما كان من المتوقع أن تهبط 1.1 مليون برميل، وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بمقدار 847 ألف برميل يوميا إلى 5.72 مليون برميل يوميا.