محمد الطميحي

العزلة التي تعيشها الدوحة الآن في طريقها لأن تتحول إلى عزلة مكانية وجغرافية دائمة بعد الأنباء التي تسربت عن إقامة قناة مائية سعودية على طول الحدود القطرية مع المملكة، وبالتالي فإنها ستصبح جزيرة معزولة تماماً دون أن تستطيع مؤامراتها ودسائسها تغيير هذا الواقع..

أي قائد حكيم لديه ذرة من العقل سيبادر إلى الاستجابة لما يمليه المنطق في التعاطي بجدية مع الأزمات المحيطة ببلده، بما يتضمنه ذلك من تنازلات مؤلمة في سبيل الحفاظ على كيان دولته، خصوصاً إذا كانت محدودة الحجم والتأثير، فما بالك إن كانت على خطأ وقد منحت الفرصة تلو الأخرى للتراجع عن تلك الأخطاء الكفيلة بإطلاق فتيل الحرب والمواجهة العسكرية مع الحلفاء والجيران.

لكن يبدو أن الحكمة غائبة في الدوحة ما يعقد أزمتها يوماً بعد يوم، ويقودها إلى المزيد من التصعيد الذي يجعل الامتثال المتأخر لشروط دول المقاطعة خطوة في الوقت الضائع.

العزلة التي تعيشها الدوحة الآن في طريقها لأن تتحول إلى عزلة مكانية وجغرافية دائمة بعد الأنباء التي تسربت عن إقامة قناة مائية سعودية على طول الحدود القطرية مع المملكة، وبالتالي فإنها ستصبح جزيرة معزولة تماماً دون أن تستطيع مؤامراتها ودسائسها تغيير هذا الواقع.

درس جديد: تقع دولة قطر على هامش الخليج العربي الذي يحدها من جهاتها الأربع باستثناء شريط بري سعودي يفصلها عن قناة سلوى المائية المشروع العملاق الذي أطلقته المملكة العربية السعودية.

إلى الشمال من هذا المشروع المرتقب.. هناك جسر الملك فهد، جسر (المحبة) الذي تحدى كل العقبات الهندسية والتكلفة المالية العالية ليربط بين مملكتين تجمعهما وحدة المصير والهدف ليمثل منفذاً حيوياً للجارة الصغرى حجماً الكبيرة في مواقفها وشجاعتها في التعاطي مع التهديدات المشتركة، وبين الجسر والقناة الفارق الأهم في التعاطي مع الحلفاء، ومع من وضعوا أنفسهم في خانة الأعداء.

ومع إدراك تميم ومن يحول دون عودته إلى الصواب أن الحل في الرياض إلا أنه ما زال يبحث عن الخروج من أزمته في أماكن أخرى من العالم، فبعد الزيارة التاريخية للأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة بما شهدته من اتفاقيات وصفقات مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في شتى المجالات، ها هو تميم يحاول أن يتتبع خطوات سمو ولي العهد في محاولة تقليد مكشوفة لن تكون بذات الأهمية والتأثير، فشتان بين من يبحث عن مصلحة وطنه وشعبه ومن يبحث عن رضا الدولة العظمى مهما كان الثمن.

بعد شهرين تكمل الأزمة عامها الأول، وفيما تشتد تداعيات المقاطعة على الحكومة القطرية يبدو واضحاً أن الدول الأربع لم تتأثر منها بتاتاً، ففي مصر فاز الرئيس عبدالفتاح السيسي بولاية ثانية رغم كل التحريض الذي تمارسه الدوحة، وفي البحرين تم الإعلان عن أكبر حقل للنفط في تاريخ البلاد، فيما تزدهر الحياة في المملكة والإمارات بخطوات ثابتة في الطريق نحو المستقبل الذي يحمل المزيد من الاستقرار والازدهار.

في الأخير.. ومع أول خطوة لتنفيذ القناة المائية في سلوى ستجد قطر نفسها أمام واقع جديد سيفصلها عما تبقى من روابط مع هذا الكيان العظيم.. واقع لا تستطيع تغييره أو الحيلولة دون تنفيذه، وطالما كانت الأرض سعودية والمشروع سعودياً فما الذي يمنع دولة قادرة على صناعة التاريخ.. أن تغير الواقع الجغرافي أيضاً.