أحمد الفراج 

لا جدال في أن تيارات الإسلام السياسي، أي تنظيم الإخوان المسلمين الدولي وأبنائه الشرعيين، أي التيارين السروري والبنائي، يحاولون، وعلى مدى عقود، إحداث شرخ في علاقات دول الخليج، وتحديدًا المملكة، وبين العالم الغربي، خصوصًا الولايات المتحدة، ومن يقرأ أدبيات هذه التنظيمات، منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، يجد أنها تكاد تتخصص في شيطنة أمريكا، وليت هذه الشيطنة صحيحة، أي نتيجة مبدأ ديني لهذه التنظيمات، ولكنها لا تعدو أن تكون أداة من أدوات هذه التنظيمات، تحاول دومًا من خلالها أن تقض مضاجع الدول التي تنتمي إليها، ومن ضمنها المملكة، بناءً على قناعة بأن بقاء هذه الدول مرهون بالدعم الأمريكي لها، لأن الهدف الرئيس لتنظيمات الإسلام السياسي هو الوصول لكرسي الحكم، ومن ثم البقاء فيه لأطول مدة ممكنة!

تابعنا جميعًا النشاط المحموم لتنظيمات الإسلام السياسي، أثناء احتلال دولة الكويت الشقيقة، في عام 1990، وكيف أن الجماعة الأم في مصر، وفروعها في كل مكان، دعمت احتلال صدام حسين للكويت، ووقفت وقفة صارمة، ضد الاستعانة بالقوات الصديقة لتحريرها من طغيان ذلك الاحتلال البغيض، الذي أحدث جرحا نازفا في كيان العالم العربي، وكان سببًا في تمزق هذا العالم المنكوب، وهو التمزق الذي ما زلنا نعاني من تبعاته حتى اليوم وكان الأنشط بهذا الخصوص هي فروع الجماعة في دول الخليج، ورغم تجاوز دول المنطقة لتلك الخيانة الكبرى، إلا أن تلك التنظيمات عادت لتطعن مجددا، من خلال أحداث 11 سبتمبر 2001، إذ إن من قام بذلك العمل هو تنظيم القاعدة، أحد مخرجات تنظيم الإخوان، وكان الهدف من ذلك العمل واضحًا من حيث كوادره وأدواته، أي شرخ العلاقة، بين المملكة وأمريكا، وهو الهدف الذي تم وأده بالكثير من العمل والحكمة.

احتفلت تنظيمات الإسلام السياسي كثيرا، في عهد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي كان داعما لمشروع تمكين هذه التنظيمات من حكم العالم العربي، وهو المشروع، الذي بدأ العمل عليه منذ منتصف عهد الرئيس، بيل كلينتون، نهاية تسعينات القرن الماضي، من خلال لقاءات زعامات تنظيم الإخوان، وأبرزهم المصري، خيرت الشاطر، مع بعض الساسة الأمريكيين، وهذ التعاون، بين التنظيم وأمريكا، ينسف كل أدبيات الإخوان، التي تزعم العداء لأمريكا، واليوم، تشعر هذه التنظيمات بالهزيمة، وهي تشاهد عودة التحالف الأمريكي- السعودي إلى سابق عهده، وبالتالي تسعى بكل قوة، ومن خلال أدواتها، مثل قناة الجزيرة، وربيباتها، التي تسمى خلايا عزمي، لأحداث شرخ في العلاقات السعودية- الأمريكية، وستواصل ذلك، لأنها تعلم أن مثل هذا الشرخ، هو المنفذ الوحيد، الذي تستطيع من خلاله تحقيق أهدافها النهائية، ولكنهم سيفشلون، مثلما فشلوا في كل المحاولات السابقة!