شملان يوسف العيسى 

رغم التحذيرات الإسرائيلية للفلسطينيين بأنها ستبقي على أوامر القتل التي أصدرتها لجنودها في 30 مارس (آذار) الماضي بإطلاق النار في حال حصول استفزازات على الحدود مع قطاع غزة بعد أسبوعين دمويين قتل فيها الجيش الإسرائيلي أكثر من عشرين فلسطينياً وجرح المئات... ورغم بدء الفلسطينيين حركتهم الاجتماعية السلمية على طول الحدود بين غزة وإسرائيل، أقدمت السلطات الإسرائيلية على قتل ثلاثة فلسطينيين وجرح العشرات من المتظاهرين المسالمين.


المظاهرات الفلسطينية ليست وليدة الساعة، فهي ذكرى سنوية مضى عليها أكثر من أربعين عاماً، حيث يصر الفلسطينيون داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها على التظاهر في ذكرى يوم الأرض وقد أطلقوا على مسيرة هذا العام مسيرة «العودة الكبرى».
تأخذ مظاهرات الشعب الفلسطيني معنى آخر هذا العام، خصوصاً أن هنالك شعوراً لديهم بأن هناك محاولات جادة لتصفية قضيتهم..... وقد بدأت بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في شهر مايو (أيار) القادم (يوم النكبة)... كذلك إعلان الولايات المتحدة عن صفقة تعدها لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما يطلق عليها «صفقة القرن»، حيث يرفض الفلسطينيون هذه الصفقة التي تحاول الولايات المتحدة فرضها عليهم... فالفلسطينيون لا يزالون متمسكين بمفهوم الدولتين الذي وافقت عليه الدول العربية ومعظم دول العالم ما عدا الولايات المتحدة وإسرائيل.
ما هي خيارات الفلسطينيين... وهل هناك جدوى من استمرار الاحتجاجات ومقتل الشبان الفلسطينيين؟
ردود الفعل العربية انقسمت إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى فضلت الدعوة للتهدئة، أما الفئة الثانية فقد التزمت الصمت المطبق حيال ما يجري في غزة. أما الفئة الثالثة فقد اكتفت بإصدار البيانات التي تندد بعدوان إسرائيل واستعمالها العنف ضد الفلسطينيين.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أدان إسرائيل واتهمها بتنفيذ هجوم غير إنساني ضد الفلسطينيين.
المنظمات الحقوقية الدولية، ومنها منظمة العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش»، انتقدت لجوء إسرائيل إلى إطلاق النار الحي والمطاطي على المتظاهرين الفلسطينيين.
نعود للسؤال المطروح: ما هي خيارات الفلسطينيين؟ الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية الفلسطينيين، خصوصاً أنهم مستمرون في الحراك لمدة 6 أسابيع، فهم يطالبون برفع الحصار عن قطاع غزة وتطبيق القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين.
الرأي العام العربي منقسم على نفسه، فبعض المفكرين والكتّاب العرب مع أنهم يؤيدون مفهوم الدولة الفلسطينية إلا أنهم لا يرون أي فائدة من المظاهرات والاحتجاجات، خصوصاً أن العدو الصهيوني قوي جداً ومدعوم من أكبر وأقوى دولة في العالم، لذلك يطلب هؤلاء من الفلسطينيين توحيد صفوفهم وإنهاء خلافاتهم والتركيز على العمل السياسي السلمي ومقاطعة البضائع الإسرائيلية وكسب المزيد من الدول والشعوب المحبة للسلام لدعم قضيتهم. كما مطلوب منهم العمل على رفع الحصار عن قطاع غزة.
المؤيدون للمظاهرات والاحتجاجات السلمية في غزة يرون أن المظاهرات والاحتجاجات في يوم الأرض ما هي إلا تأكيد للشعب الفلسطيني بحق العودة حتى لا تنسى الأجيال الجديدة قضية شعبهم وحقهم التاريخي في البقاء فيها، فالفلسطينيون اليوم يواجهون عدواً استبدادياً فاشياً يصادر أراضيهم ويحرمهم مما تبقى من فلسطين التاريخية.
القرار الأميركي بتهويد القدس بدد كل الآمال في تحقيق السلام من خلال مفهوم الدولتين.
استمرار الاحتجاجات الفلسطينية قد يصبح أكثر دموية إذا استمرت إسرائيل في سياسة القتل، وهذا حتماً سيثير الشارع العربي والإسلامي ويؤدي بالتأكيد إلى وقف كل المحاولات التي تبذلها الولايات المتحدة لفرض صفقتها حيال القضية الفلسطينية، ويبقى السؤال: هل بمقدور الدول العربية الكبرى التأثير في مجريات هذه المواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.