محمد فايع

قمة القدس هذه السعودية فليصمت المزايدون

من يعود ليقرأ التاريخ، سيجد القائمة تطول، بمواقف بلادنا أجلّها، حينما اختلط دم المجاهد السعودي مع شقيقه الفلسطيني، لدحر الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين

احتضنت مدينة الظهران الأشقاء العرب في القمة العربية العادية الـ29، وشاهد الجميع على الفضائيات الإخبارية كيف كانت الأجواء التي عُقدت فيها القمة، إذ كانت أجواء من الود والألفة، ووجد ضيوف القمة في السعودية الإنسان والمكان، الترحاب والتقدير، وقد أظهرت المملكة العربية السعودية في هذه القمة، كما في القمم السابقة، أنها الدولة الأبرز والأصدق والأقدر التي تنجح في القيام بدور محوري مهم في لمّ شمل العرب، وتوحيد صفوفهم، وجمع كلمتهم، لمواجهة التحديات الكبيرة في المنطقة، في مقدمتها ما لخصه البيان الختامي للقمة الـ29 «مكافحة الإرهاب، والوقوف في وجه التدخلات الإيرانية التي تسعى إلى زعزعة أمن واستقرار الدول العربية، والعمل على تقوية الأمن القومي العربي، وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وستبقى فلسطين قضية العرب المركزية الأولى».
وقد جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله ورعاه- ما يجب أن يعيه القاصي والداني، حين أعلن أن القمة العربية الـ29 المنعقدة في أرض السعودية، هي «قمة القدس، وأن فلسطين قضية العرب الأولى» فليصمت المزايدون. 
لقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ونصره- في كلمته الافتتاحية للقمة ما نصه «أيها الإخوة الكرام، إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإننا إذ نجدد التعبير عن استنكارنا ورفضنا قرار الإدارة الأميركية المتعلق بالقدس، فإننا ننوه ونشيد بالإجماع الدولي الرافض له، ونؤكد أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية». 
لقد قالها الملك سلمان بكل وضوح، ليسمع ذلك الكلام الإخوةُ في فلسطين، لينهوا الانقسامات بينهم التي لم ولن تخدم قضيتهم، وليسمعها أيضا الذين يتاجرون بالقضية من أصحاب الشعارات الجوفاء، شعارات محور المقاومة الكاذبة، وهم أول من غدر بالقضية، وليسمعها كذلك الذين لا يعرفون أين تقع القدس، ولا يعرفون أين موقع فلسطين على الخريطة، وقد أزعجوا الدنيا بشعاراتهم الوهم، وهم الذين ارتموا بميليشياتهم الإرهابية التي أسموها زورا وبهتانا، بأسماء «القدس، فلسطين، الأقصى» في أحضان أعداء فلسطين، وتفرغوا للدسائس والمؤامرات على بلادنا العربية. 
هذه العصابات الخمينية وأذنابها في المنطقة من بني يعرب، مهما ادّعت خطب ود فلسطين وحبها، فستبقى كاذبة، وليسمعها الذين عزلوا أنفسهم عن محيطهم الخليجي والعربي بسياساتهم الخاطئة.
نعم، بكل المقاييس نجحت قمة الظهران في أن توحد العرب، ليرسلوا إلى العالم ومن أرض المملكة رسالة مفادها «أن القدس الشرقية عاصمة فلسطين الأبدية، وأن القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب الأولى، وأن العرب يمدون أيديهم للسلام، السلام العادل الشامل الذي يضمن للفلسطينيين كامل حقوقهم على أراضيهم، وأن قرارات الرئيس الأميركي ترمب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، أو اعتراف أميركا أن القدس عاصمة لإسرائيل، وأنها جميعها، ستبقى قرارات باطلة، ومدانة، ومرفوضة، لأنها تخالف القوانين الدولية».
ولعل المتابع لأعمال القمة العربية قد توقف عند موقف العطاء السعودي السخيّ، والدعم الدائم الذي لم ينقطع يوما ما، تجاه الإخوة في فلسطين، منذ بدء محنتهم واحتلال أراضيهم إلى اليوم، دعما ماديا وسياسيا، ليعرف من لا يعرف، ويتذكر من ينسى، أن هذا الدعم، إنما هو منهج سعودي منذ الملك المؤسس -طيب الله ثراه- مرورا بملوك السعودية -رحمهم الله جميعا- حتى عهد خادم الحرمين الملك سلمان -أبقاه الله وأعزّه بنصره- فقد أعلن الملك سلمان عن تبرع السعودية بمبلغ 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، وتبرّعها كذلك بمبلغ 50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وقد نوّه الرئيس الفلسطيني صراحة وأمام الجميع في بدء كلمته في القمة «أن دعم المملكة لم ينقطع يوما واحدا» فليصمت الذين يزايدون على مواقف المملكة تجاه فلسطين، وهي تعلن بكل وضوح أمام العالم العربي والإسلامي، وأمام كل المتابعين الدوليين، أن هذه مواقفها تجاه فلسطين، دعما ماديا ومعنويا، وهي التي حاولت مرارا وتكرارا جمع الفرقاء الفلسطينيين، لينحّوا خلافاتهم جانبا، ويلتفتوا نحو قضيتهم، فاللاعبون على خلافاتهم كثر، ومن يعود ليقرأ التاريخ، سيجد القائمة تطول، بمواقف بلادنا أجلّها، حينما اختلط دم المجاهد السعودي مع شقيقه الفلسطيني لدحر الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين، ولعل ذاكرتنا ونحن صغار، ومن سبقني ومن أتى فيما بعد، ما تزال تحمل صور البذل والعطاء «ريال فلسطين»، ذلكم الدرس الذي تعلمناه من قادتنا، وولاة أمرنا في ميدان التضحية، لرفع الضيم عن بلد عربي محتل، فماذا صنع الآخرون لفلسطين غير أنهم «أطعموها سخيف القول والخطبا»، كما قال نزار، وتآمروا عليها، فلتحيا بلادي السعودية رائدة للتضامن العربي والإسلامي.