ألان فراشون 

خطر وقوع مواجهة بين إسرائيل وإيران كبير. وبدأت معالم المواجهة الاستراتيجية المقبلة في الارتسام بين الإسرائيليين والإيرانيين وليس بين الروس والأميركيين. وقد تنزلق هذه المواجهة إلى حرب في سورية أو تضيف إلى الحروب السورية حرباً جديدة.

وتريد طهران عائدات أو ريع تدخلها هناك. فمن دون دعمها العسكري المباشر، والدعم الاقتصادي والمالي المتواصل، والتأييد السياسي– الديبلوماسي المزمن، لم يكن التدخل الجوي الروسي لينقذ نظام بشار الأسد. ومنذ 6 سنوات، يقصف سلاح الجو الإسرائيلي دورياً شاحنات السلاح الإيرانية الموجهة إلى «حزب الله» اللبناني. وفي الأشهر الأخيرة، صارت المواجهة مباشرة بين الجيش الإسرائيلي والقوات الإيرانية (إسقاط درون إيرانية «مفخخة» فوق إسرائيل، والرد الإسرائيلي مرتين بقصف قاعدة تيفور في حمص ومقتل 7 عسكريين إيرانيين. ومثل هذه الحوادث تؤذن في الشرق الأوسط باضطرابات كبيرة أو نزاع دولي.


ويحيط الرئيس الأميركي اليوم نفسه بأكثر المستشارين المناوئين لإيران: مايكل بومبيو، على رأس وزارة الخارجية، وجون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض. ويندد أمثال هؤلاء بالاتفاق النووي الإيراني المبرم في 14 تموز (يوليو) 2015. ومن اليوم إلى 12 أيار (مايو) المقبل، سيقرر ترامب إذا ما كانت بلاده ستنسحب من اتفاق فيينا وتفرض عقوبات جديدة على إيران. ولكن إذا اعتبرت طهران نفسها في حل من الاتفاق النووي واستأنفت تخصيب اليورانيوم، قد لا تؤمن عاقبة ما سيقدم عليه «الصقور» في تل أبيب. وبدا إلى وقت قريب أن نتانياهو وبوتين متفاهمان. فالانتماء إلى تيار قومي متطرف يجمعهما. واتفقت قيادات الأركان الإسرائيلية والروسية على خطوط حمر في سورية. ولكن بوتين أعلن أن ما يستطيع تقييد إيران به في سورية، محدود. واليوم، العلاقات الإسرائيلية- الإيرانية شائكة. فإسرائيل في الغارة الأخيرة (9 نيسان- أبريل) لم تبلغ الروس بتحركاتها في وقت ترى أن إيران، وهذه لا تنفك تندد «بالكيان الصهيوني» على حدودها: في جنوب لبنان بواسطة «حزب الله» وفي سورية. وإيران تمد أذرعتها في الشرق الأوسط من غزة إلى اليمن، وكلمتها وازنة في في مستقبل العراق وسورية ولبنان. فهي تستقطب الأقليات العربية الشيعية في المنطقة، وتشكل منها جسماً حربياً يأتمر بأوامرها في شبه الجزيرة العربية وأنشأت «ممراً» إلى البحر المتوسط.

ولكن الدول العربية تتفوق على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الأنفاق العسكري. ولذا، تزعم طهران أنها مضطرة إلى استراتيجية دفاعية غير متكافئة قوامها ترسانة صواريخ باليستية وميليشيات شيعية. ولكن شطراً من النظام الإيراني ينتهج نهجاً أكثر عدائية ويهدد بالقضاء على إسرائيل وأنظمة عربية. فتشعر هذه بالتهديد. والرؤى في الشرق الأوسط في مثابة وقائع.

* معلق، عن «لو موند» الفرنسية، 20/4/2018، إعداد منال نحاس