هاني الظاهري

بالرغم من كل المعاناة التي يعيشها النظام القطري جراء دعمه للإرهاب طوال العقدين الماضيين وسياساته التآمرية على دول المنطقة، وبالرغم من دوران وزير خارجيته حول الكرة الأرضية أكثر من مرة محاولاً إقناع العالم بالتدخل والوساطة لإيقاف المقاطعة الخليجية للدوحة، ما زالت أصابع كبير المتآمرين القطريين المتخفي خلف الستار «حمد بن جاسم» تمارس عبثها في الإعلام الدولي، وتضخ أموال الشعب القطري للمرتزقة في مشارق الأرض ومغاربها بهدف النيل من السعودية دون جدوى.

أحد كتاب التقارير الممولة قطرياً في صحيفة أمريكية شهيرة نشر قبل أيام تقريراً ساذجاً يشير إلى أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي «مايك بومبيو» الأخيرة للسعودية تحمل رسالة صارمة من واشنطن للرياض فحواها «لقد طفح الكيل.. صالحوا قطر»، وهذه ليست نكتة، بل دلالة جديدة على مدى غباء قبيضة الدوحة في كل مكان، فالعالم أجمع يعرف أن السعودية تُملي ولا يُملى عليها، ويعرف أيضا أن موقف السعودية من قطر لم يتغير، رغم كل المحاولات المستميتة التي بذلها في سبيل إيقاف المقاطعة وزير الخارجية الأمريكي السابق «ريكس تيلرسون» قبل إقالته من منصبه، وهو كما يعرف كثير من المهتمين بالسياسة الدولية يرتبط على المستوى الشخصي بعلاقات تجارية مع قطر لا مجال للحديث عنها هنا.

المضحك أن قناة الجزيرة المتوفاة دماغياً وإعلامياً، طارت بالتقرير الصحفي الممول قطرياً، وأفردت له البرامج والتغطيات متجاهلة حديث بومبيو نفسه في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في الرياض خلال زيارته والذي يناقض تماماً وبشكل سافر تلك «الهرطقة»، وهذه عادة معروفة لإعلام قطر المدار من قبل عضو الكنيست الإسرائيلي السابق «عزمي بشارة»، الذي يُشير بعض المحللين إلى أنه الحاكم الفعلي للإمارة الصغيرة المعزولة عن محيطها منذ أشهر.

يعرف كل متابع مهتم بالشأن السياسي أن السعودية اليوم هي القائد الفعلي للمنطقة، بل إن الإعلام القطري نفسه يزعم في بعض لحظات يأسه أن الرياض تتحكم في سياسات بعض القوى العظمى في العالم، وأنها تقيل وتعين الوزراء في تلك الدول، لكن الواقع الذي لا يمكن تغطيته أو تجاوزه هو أن السعودية رقم صعب ودولة عظمى ذات ثقل سياسي كبير يمنع أي دولة أخرى سواء كانت حليفاً أو عدواً من أن تخاطر وتحاول أن تملي عليها ما تفعل.

ولا بد من التذكير هنا بأن الرياض وقفت منذ عام 2011 في وجه إدارة أوباما، وأحبطت مشروعها التدميري الأسود «الربيع العربي»، ولم تقبل إملاءات أو توجيهات أحد، وحين حاولت بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ممارسة ضغوطها على السعودية للسماح بالاعتصامات والمظاهرات في شهر مارس عام 2011، قال وزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل رحمه الله في مؤتمر صحفي مقولته الشهيرة: «سنقطع أي إصبع تحاول التدخل في شؤون المملكة»، حينها تم استخدام النظام القطري للتشغيب والتآمر على السعودية، وقد منحته الرياض الفرصة تلو الأخرى للعودة عن حماقاته دون جدوى، وهو ما جعلها أخيراً تلقي به في سلة نفايات السياسة، وتحوله إلى مجرد قناة تصرخ ليل نهار دون أن يلتفت إليها أحد.