القاهرة: محمود جروين

أثار قرار الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري، الخاص بتطوير التعليم الأساسي، جدلاً واسعاً في مصر، بعدما أعلن توحيد نظام الدراسة في المدارس الحكومية والرسمية (العربي)، والخاصة (العربي)، وتعريب مناهجها بدءاً من العام الجديد 2019، ومعاملتها معاملة المدارس الحكومية، في تدريس مناهج دراسية واحدة، تحت مسمى تطوير التعليم الجديد.

وقال شوقي في بيان صحافي، إن الدراسة في مادتي «الرياضيات والعلوم» ستبدأ من العام الدراسي «2019ــ 2020» باللغة العربية للطلاب الملتحقين بمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، أسوة بالمدارس الحكومية؛ بهدف إتقان الطلاب للغة العربية، مضيفاً: «التعليم في مدارس الدولة لا بد أن يكون بلغة الدولة».

ولفت إلى أن مركز تطوير المناهج، أعد مناهج جديدة للصفوف التي يُطبق عليها النظام الجديد، وستكون المناهج عبارة عن مواد متعددة التخصصات، تدمج اللغة العربية والرياضيات، والمفاهيم العلمية، والدراسات الاجتماعية، والفنون بأنواعها والتربية المهنية، التي سيتم تدريسها باكراً في مرحلة رياض الأطفال، من خلال موضوعات تشمل كل الفروع السابقة، مع تدريس موضوعات منفصلة، وهي «اللغة الإنجليزية والتربية الرياضية والصحية والتربية الدينية».

وتعرض الوزير لانتقادات حادة من أولياء أمور، عبّروا عن رفضهم واستيائهم من السياسة الجديدة، مطلقين هاشتاغ «لا لتعريب المدارس الرسمية للغات»، عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». وأوضح معظمهم أنهم قلقون جداً من هذا القرار؛ لأنه، لن يخلصهم من كابوس الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى أن سوق العمل في مصر، يحتاج إلى لغات أجنبية، بخلاف ما يتم تدريسه في المدارس الحكومية.

وقالت رانيا محمود، وَلية أمر: إذا كانت المدارس التجريبية سيتم تعريبها أسوة بالحكومية، فما هي الميزة التي ستقدمها للطلاب، سنضطر في النهاية، للجوء إلى الدروس الخصوصية التي تزيد من أعبائنا، كما أن المدارس التجريبية تحتاج إلى مصروفات أكثر من الحكومية، التي ستطبق النظام نفسه؛ وهو ما يزيد من أعبائنا مرتين، مضيفة: «لا أقدر على دفع مصروفات المدارس الخاصة، وأرغب في تعليم أبنائي اللغات بالمدارس التجريبية، الوزير يضطرنا بهذا القرار إلى تعليم لا نريده».

ووافقها الرأي، رامي السيد، أحد أولياء الأمور، من القاهرة، قائلاً: «كنا نرحب بالنظام التعليمي الجديد، لكن بعد الإعلان عن تفاصيله، تحول رأي أغلب أولياء الأمور من القبول إلى الرفض... ندفع في المدارس التجريبية مصروفات أكثر من الحكومية؛ لأن بها اهتماماً أكثر بالطلاب، وفيها تعليم جيد، ومن أهم مميزاتها، اللغات الأجنبية، التي يدرسها طلابنا في المراحل الأولى، ومع القرار الجديد لن يكون لها أي مميزات عن الحكومية»، مستنكراً استبعاد المدارس الخاصة والدولية من النظام الجديد، قائلاً: «لو أراد الوزير تطبيق نظام جديد فلا بد أن يطبق على الجميع، خاص وتجريبي وحكومي، تطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية».

من جهته، قال عبد الحفيظ طايل، مؤسس المركز المصري للحق في التعليم، إن الوزارات المتعاقبة تتعامل مع العملية التعليمية باعتبارها سلعة وليس حقاً، يضيفون إليها ويحذفون منها كل عام، مستنكراً استبعاد المدارس الخاصة والدولية من القرار، قائلاً: «كان من المفترض أن يشمل القرار جميع المدارس بكافة أنواعها، رغم أني أتفق مع القرار بعدم تدريس لغات أجنبية في المرحلة الابتدائية، كما هو الحال في الكثير من دول العالم، فإن ما يحدث هو دعاية للمدارس الخاصة، وتوسيع دائرة الخصخصة، ويحمل تمييزاً بين طبقات الشعب المصري».

من جهتها، دافعت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب عن قرار الوزير، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام الجديد، به الكثير من المميزات الهادفة إلى تطوير التعليم، وإن النقطة الوحيدة المثيرة للجدل هي تعريب المدارس التجريبية، موضحة أن البرنامج مدروس بشكل جيد من مختصين، والمعارضوين للقرار لم يتفهموا جيداً هدفه الأساسي في بناء الشخصية وترسيخ المواطنة والهوية المصرية التي افتقدناها، وترسيخ مكانة اللغة العربية لدى الجيل الجديد، وإن المنتج الأخير للمشروع هو إجادة الطالب اللغة العربية ولغتين أجنبيتين عند الوصول للمرحلة الثانوية.

وأضافت نصر، إن المشروع يتضمن دراسة مادتي الرياضيات والعلوم فقط باللغة العربية في المرحلة الابتدائية، بجانب دراسة مادة الإنجليزية مستقلة بذاتها، وبعد انتهاء المرحلة الابتدائية، سيتم دمج اللغات مرة أخرى في المادتين المشار إليهما بداية من المرحلة الإعدادية، مشيرة إلى أن المدارس التجريبية تابعة للحكومة أيضاً، ولتحقيق مبدأ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، لا بد أن يكون التعليم فيها موحداً مع المدارس الحكومية، معتبرة أنها نقطة جيدة ومحمودة.

وأوضحت، أن البرلمان سيعقد اجتماعاً، مع واضعي النظام الجديد، لمناقشتهم في خطة التطوير والخروج بتوصيات ومشروع قانون متكامل قابل للتطبيق الفعلي، وأن معظم أعضاء لجنة التعليم بالبرلمان موافقة على القرار؛ لأننا نعتبره ترتيباً جيداً للدراسة، مستشهدة بتجارب تعليمية موحدة وناجحة في بلدان أخرى كفنلندا وسنغافورة وغيرها، نافية أن يكون القرار دعوة لتخصيص المدارس؛ لأنه لو كان الوزير ألغى اللغة الإنجليزية بالكامل في المدارس الحكومية، لكان من الممكن أن نعدّها دعوة للخصخصة، لكن ما يحدث هو تغيير في وقت إعطاء اللغة فقط.