علي بن محمد الرباعي

أيام معدودات ويظلنا شهر الصوم بنفحاته، ولا يشك مسلم أن كل الشهر خير، إلا أن الغالب الأعم على وجدان بعض المنتمين لهذا الدِّين اشتغالهم على الشكليات، والتركيز على فقه العبادات، وربما شيء من فقه المعاملات بحكم أن البعض يجعل رمضان حولاً لزكاته، وهذا عمل طيب.

من المظاهر التي تبدأ الآن، تهيئة المساجد بالفرش، وتزبيط مكبرات الصوت ليبلغ صداها أوسع مساحة، والتموين بمياه الشرب، والبعض يحرص على البخور، ويظل البحث عن إمام صيّت الشغل الشاغل، كون عذوبة التلاوة جاذبة للناس، وإن كان الإمام حافظاً فخير إلى خير، وربما تسمع ثلاثة أو أربعة يتحدثون بعد صلاة عصر عن المبالغ التي سيجمعونها فرقة لهذه الأغراض ناهيك عن المتبرعين، والكل عازم على ختم القرآن، وعلى القيام والتهجد والتراويح كل ليلة، وهذا عمل طيب.

لا يخفى على القارئ الكريم أن الزهاد من السلف الصالح كانوا إذا أظلهم شهر الصوم خلوا بأنفسهم في أماكن لا يعلم عنها أحد، ولا يدري بما يفعلون مخلوق، ويعتمدون برامج عبادية لا يعلم بها إلا الله، من صلوات، وذكر، وقراءة قرآن، وحسنات أخرى بحسب حال كل منهم.

كم عدد آيات العبادات في القرآن؟ ربما لا تتجاوز 110 آيات، من أصل 6236 آية، والبقية منها عقائد، ومنها معاملات، ومنها توجيهات، وأخبار، وقصص.

هل سألنا أنفسنا «ماذا عن الفقه المنسي»؟، أعني الفقه الأخلاقي. أزعم أن كثيرين لا يفكرون مع اقتراب رمضان عن عللهم وأدوائهم الأخلاقية، فالأيام والأحوال تمرض، ورمضان فرصة كبرى للارتقاء بأخلاقنا وسلوكياتنا.

كل مسلم مؤمن بأن النبي عليه الصلاة والسلام قدوته، وهذا حق امتثالاً لقوله تعالى «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» وبسؤال المسلمين ما هي أخلاق النبي عليه السلام، سيجيبون بأن خلقه القرآن، وما هي أخلاق القرآن؟ أخلاق القرآن الصدق، والعدل، والأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، وحفظ حقوق الأيتام والضعفاء، والإحسان، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. فما نصيبنا في رمضان من الأخلاق الراقية، والسلوك الحسن، كون الفلاسفة يرون أن الهدف من الطب الصحة، ومن العسكرية الانتصار، ومن التجارة الربح، وغاية الصوم الفضائل الأخلاقية والسلوك السوي.

ربما لا يفكر مسلمٌ كثيراً في آيات الوحي.