نذير رضا

تُفتح صناديق الاقتراع، صباح اليوم، في أول انتخابات نيابية تجري في لبنان منذ العام 2009 لانتخاب برلمان جديد. وتمثل هذه الانتخابات، في الوقت نفسه، استفتاء على الزعامتين المسيحية والسنية، بالنظر إلى أن أعنف المعارك الانتخابية تتركز في الشمال، أولهما في طرابلس حيت تتنافس 3 خيارات سياسية سنية، بينما تعتبر المعركة الانتخابية في دائرة بشري - البترون - زغرتا - الكورة، معركة بين 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وخلافاً للطائفتين الشيعية والدرزية، اللتين تحافظان على زعامتهما، استمراراً لمسار سياسي منذ عام 1992، تُخاض معارك انتخابية قاسية في شمال لبنان بشكل خاص، تستهدف تكريس الزعامتين السنية والمسيحية.

على الساحة السنية، تُخاض المعركة لتكريس زعامة «تيار المستقبل» لدى الطائفة السنية، أو إنتاج مشاركة فيها في الشمال تحديداً، حيث يخوض «تيار العزم» بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي معركة ضد «المستقبل»، كما يخوض وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي معركة أيضاً في طرابلس ضد الطرفين.

وتعد هذه المعركة من أعنف المعارك الانتخابية بين المرشحين السنّة، بالنظر إلى أن المعركة في بيروت تعتبر مريحة بالنسبة لتيار «المستقبل» الذي سيحافظ على قسم كبير من تمثيله في المدينة.

وعلى الساحة المسيحية، تُخاض أعنف المعارك في دائرة الشمال الثالثة التي تضم أربعة أقضية، هي بشري، البترون، والكورة، وزغرتا. وتستمد هذه الدائرة حماوتها من أنها معركة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، وهم وزير الخارجية جبران باسيل الذي يتحدر من البترون، والنائب سليمان فرنجية الذي يتحدر من زغرتا، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي يتحدر من بشري. واللافت أن الأطراف الثلاثة، لم تربطهم تحالفات انتخابية، إذ تتنافس لوائحهم لحصد أكبر عدد من الفائزين.

كما تضم هذه الأقضية أكبر نسبة من المقترعين المسيحيين، ما يعني أن النتائج تحددها أصوات المسيحيين. وتنسحب معارك دائرة الشمال الثالثة على معركة دائرة جبل لبنان الرابعة، التي تضم قضاءَي الشوف وعاليه، بالنظر إلى أنها معركة تكريس زعامة الأحزاب المسيحية، حيث ينافس «التيار الوطني الحر»، لائحة قوية مدعومة من «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي». وخلافاً للمشهد الانتخابي لدى السنّة والمسيحيين، فإن الانتخابات في دوائر الشيعة والدروز لا تتسم بحماوة بالغة، بالنظر إلى غياب تنافس درزي جدي ومؤثر في وجه «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط.

أما لدى الشيعة، فإن دوائر الجنوب لا يتوقع أن تشهد معارك حامية، بالنظر إلى غياب تكتل شيعي مؤثر في وجه الثنائي الشيعي، علماً بأن دائرة الجنوب الثالثة تتنافس فيها 5 لوائح، بينما تتنافس في دائرة الجنوب الثانية (الزهراني وصور) لائحتان.

غير أن المنافسين للثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل»، يخوضون معركة حامية في البقاع لانتزاع مقعد على الأقل من المقاعد الستة التي يتمثل فيها «حزب الله» وحركة «أمل» في دائرة بعلبك - الهرمل. وينافس المرشح يحيى شمص، بالتحالف مع «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» لتحقيق خرق في لائحة الثنائي الشيعي.

وتمهيداً لعملية الاقتراع التي تنطلق صباح، اليوم (الأحد)، وتنتهي مساء، أنهت غرفة العمليات المركزية الخاصة بالانتخابات النيابية العامة في وزارة الداخلية عملية تسليم صناديق الاقتراع في كل لبنان، والبالغ عددها 6793 إلى 13586 رئيس قلم ومساعداً. ووصلت الصناديق إلى مراكز الاقتراع الخاصة بها، وأصبحت بعهدة عناصر قوى الأمن الداخلي التي تتولى حمايتها طيلة الليل حتى وصول رؤساء الأقلام صباح الأحد للمباشرة بفتح الصناديق والعملية الانتخابية. بالموازاة، باشر الجيش اللبناني تنفيذ انتشاره في مختلف المناطق وفي محيط مراكز الاقتراع في إطار خطة أمنية متكاملة لحماية العملية الانتخابية يوم الأحد. واتخذت عناصر الجيش اللبناني إجراءات أمنية في الشوارع والساحات الرئيسية عشية الانتخابات النيابية، وسيرت دوريات وأقامت نقاطاً في محيط كل المراكز الانتخابية.