خالد أحمد الطراح 

خبر الطبيب المزور الذي نفته وزارة التعليم العالي اخيرا (القبس 5 – 5 – 2018) قادني الى تقصي حجم مرارة ومعاناة الاطباء الكويتيين بين قصري، عفوا، وزارتي الصحة والتعليم العالي، بسبب غياب الربط الآلي بين الوزارتين، وبيروقراطية في الاجراءات تضطر الطبيب الى الانتقال «بين القصرين» للحصول على معادلة شهادات عليا.

روتين المخاطبات التي تتم بين الوزارتين كأنه يعمل على الفحم وليس على نظم الكترونية، وهو ما يضع الطبيب امام مشاوير لا داعي لها، فضلا عن ضياع وقته الذي يفترض ان يكون مخصصا لتأدية واجبه الطبي!
الطبيب الكويتي المبتعث من وزارة الصحة للحصول على شهادات عليا في تخصصات طبية متنوعة يضيع وقته بين شوارع الدولة المشهورة بالازدحام المروري، الى جانب الانتقال بين ادارات تابعة لوزارة الصحة ومقر الوزارة ومن ثم وزارة التعليم العالي مجرد لتأكيد اعتماد شهادات طبية كالزمالة والدكتوراه Fellowship & MRCP التي هي اساسا معتمدة من وزارة الصحة بصفتها جهة الاختصاص والعمل والأعلم بطبيعة الشهادات التخصصية العليا، بينما المراسلات الورقية بين الوزارتين لا تتعدى سطرا او سطرين، والرد من وزارة التعليم العالي بنفس الحجم ولا يخرج عن نص وزارة الصحة، التي تذكر في مخاطباتها طبيعة الشهادة وما تعادله اكاديميا، حتى ترد ادارة البعثات في التعليم العالي مجتزئة نفس النص الوارد من وزارة الصحة ربما من باب التلاقي العلمي والإداري في دولة اكتشفت اخيرا كارثة شهادات مزورة بعلم مسبق من الهيئة العامة للتعليم التطبيقي ووزارة التعليم العالي، ربما بسبب ان نظام العمل الحكومي يعتمد على المواطنين وجهات اعلامية حتى في اكتشاف مصادر الفساد، لكي تتحرك الحكومة بالمحاسبة حتى لو كانت متأخرة وطالت المال العام مع استثناء المتسبب والشاهد على التزوير!
أما بالنسبة لوزارة الصحة التي يفترض ان تتسلح بنظم الكترونية في حفظ بيانات الأطباء والمرضى ايضا، فتعتمد على الحفظ الورقي للسجلات والبيانات.
مثلا، ادارة التراخيص الواقعة في منطقة السالمية كما لو كانت «شاليها» وليس مبنى، وتعتمد في عملها على الارشيف اليدوي للتراخيص الطبية وماكينة طوابع موجودة في جمعية السالمية وليس في ادارة التراخيص، الى جانب ادارة السجلات لمنطقة العاصمة في النزهة، التي تعتمد ايضا على موروث تاريخي قائم على الحفظ الورقي لبيانات الاطباء وليس نظما آلية في دولة تتشدق بالميكنة، ولديها جهاز معروف باسمه وليس انجازه وهو الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات!
ماذا لو حصل حريق في هذه الادارات، لا سمح الله، او تعرضت الملفات للتلف اثناء تناول وجبة الافطار أو الشاي والقهوة؟ هل تصبح المسؤولية من اختصاص المورد أو الاطفاء أو الاطباء الذين لم يحفظوا نسخا من قرارات وملفات وزارة الصحة لإنقاذ الوزارة في مثل هذه الطوارئ؟!
لولا هذه الفضائح والتخلف الاداري، لما استطاع الكتّاب والصحافيون ممارسة مهامهم، ومن الواجب شكر الحكومة حتى في مثل هذه الاحوال.