القراءات السياسية الإيرانية

 

عندما قامت ثورة الخميني كانت أشرطة التسجيل المسماة الكاسيت الأداة الأكثر تأثيراً في قيام هذه الثورة ووصولها إلى الحكم، وبعد أن أصبح الواقع واقعاً وحمل الخميني من فرنسا إلى إيران، صاحبته هالة من التمجيد، والاعتقادات الخاطئة عند البعض، فظن الساسة الإيرانيون في ذلك الوقت أن العالم أصبح يخشى هذه الإدارة الجديدة المفعمة بالحماس فكانت قراءة سياسية خاطئة، فكان التمادي في الغرور ومعاداة الشرق والغرب قراءة سياسية خاطئة، وعندما حاصر الحرس الثوري والمتظاهرون السفارة الأمريكية في طهران، أرسل الرئيس الأمريكي كارتر آنذاك عدداً من الطائرات لإنقاذ أفراد البعثة، فهبت عاصفة شديدة حالت دون تحقيق الغاية، فظن الساسة والكثير من أتباع الخميني أن ذلك رسالة من الله، وعوناً للخميني ضد أعدائه، وتم الترويج لها، فكانت قراءة سياسية خاطئة، ترتب عليها قناعات في ذهن الساسة آنذاك فاتخذوه قراءات سياسية خاطئة.

ظن قادة الثورة أنه أصبح من الممكن ابتلاع البحرين، والتأثير على شعوب المنطقة ضد حكوماتها المستقرة، ومن ثم السير في ركابها، لتصبح شرطي المنطقة كما كان يطلق على سلفها، فكانت قراءة سياسية خاطئة.

بدأ الساسة الإيرانيون آنذاك يحركون بعض الأعوان عند جيرانهم للتمهيد لتحويل البلاد المجاورة، فانتبه الساسة في تلك البلدان ولم يمكنوهم من ذلك، وقامت الحرب العراقية الإيرانية بقراءات سياسية خاطئة فكانت مأساة ضحيتها شباب البلدين، وفي نهاية المطاف وقفت الحرب دون مكاسب لأي طرف، وتراكمت الديون عليهما وقال الخميني قولته المشهورة: إنني أتجرع السم. فكانت خطوة غير محسوبة، وقراءة ترتب عليها الكثير من الآثار الاقتصادية، والمواقف السياسية من الثورة الخمينية التي أخذت تتبلور عند الجيران، والدول الأخرى لا سيما الفاعلة منها.

وقد كان عدم قبول عدد من الدول استضافة شاه إيران وتنقله من بلد إلى آخر حتى استقر في مصر، قراءة خاطئة من قبل الساسة الإيرانيين الذين ظنوا أن العالم أصبح يخشاهم.

استمرت القراءات السياسية المتلاحقة والخاطئة تتوالى من قبل الحكومات الإيرانية والشعب يدفع الثمن عقودًا تلو عقود حتى يومنا هذا.

اتخذ الساسة الإيرانيون قراراً بتخصيب اليورانيوم بنسب عالية، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، واستعانة البرنامج الإيراني بعدد من العلماء والفنيين، وحاولت إيران الحفاظ على ذلك، فكانت قراءة سياسية خاطئة، لأن الساسة الإيرانيين لم يدركوا أن العالم بأسره لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي مطلقاً، لا سيما أن إيران قد وقعت على اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي، ويبدو أنها لم تقرأ ما حل بالمفاعل النووي العراقي في ذلك الوقت.

إيران اضطرت مجبرة، وبعد صراع شديد ومحاولات للتمنع أن توقع اتفاقاً غير كافٍ لطمأنة العالم لا سيما دول المنطقة، لكنه اتفاق أضحى في صالح إيران، لعيوب كثيرة اعترته، منها المدة، والبرنامج الصاروخي، وأمن المنطقة، وإن كانت قد نجحت مؤخراً في الحصول على هذه الاتفاقية، إلاّ أنها لم تقرأ المستقبل لتعلم أن المنطقة لن تكون قابلة له، لأنه يمس أمنها مباشرة، وأن عدم قبولها يعني استبداله أو تعديله أو إضافة ملحق له.

إيران عليها أن تقرأ جيدًا، أن المستقبل ليس في صالحها إن استمرت على نهجها وأنه لا بد من تغيير منهجي كامل لكي تعيش في هذا العالم الرحب، ولعل ما أقدمت عليه كوريا الشمالية وما سيحدث في 23 من هذا الشهر عبرة، فلعلها تعتبر، حما الله بلادنا وقادتها.