خالد الطراح

يبدو ان وزارة المالية قررت تدشين دخول عالم الألغاز بدلا من الشفافية المالية محليا ودوليا في ظل اهداف لإنقاذ الكويت من تراجعها وفقا لمؤشر مدركات الفساد العالمي، وليس معايير الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة).
فدولة الكويت اليوم بفضل وزارة المالية «مهددة بإدراجها في لائحة دولية سوداء نتيجة رفض منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD لتمديد مهلة تطبيق اتفاقية التبادل التلقائي لمعلومات الحسابات المالية الدولية وتبادل المعلومات الضريبية لستة اشهر لأسباب واضح انها لم تقتنع فيها المنظمة». (القبس 6 – 5 – 2018)
الاتفاقية التي وقعت عليها الكويت والمعنية فيها وزارة المالية بالدرجة الاولى، تمت في 19 – 8 – 2016، بينما الوزارة ابدت اسبابا وأعذارا بعدم الجهوزية فنيا ولوجستيا في توفير وتجميع البيانات والمعلومات الضريبية، على الرغم من علم وزارة المالية المسبق بان الاتفاقية تدخل حيز التنفيذ في 31 – 8 – 2018!
وزارة المالية المسؤولة عن السياسة المالية وتشرف ايضا على السياسة النقدية، فضلا عن تبعية مؤسسة التأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للاستثمار وشركة الخطوط الجوية الكويتية لنفس الوزارة عاجزة اليوم عن التعاون الدولي في تبادل المعلومات الضريبية، وهو امر ليس بغريب على وزارة غير قادرة على بسط دورها الرقابي منذ عقود على المال العام والتعاون مع ديوان المحاسبة عمليا وليس قولا، وخير دليل تقارير رقابية تئن من حجم المخالفات المالية والاستثمارية، بينما تلعب الوزارة دورا سلبيا مع الجهات الرقابية.
لعله من المفيد التذكير بمقال سابق لي بعنوان «حكومة بلاغ ضد بلاغ» لربما تتفتق الاذهان وتبصر وزارة المالية في حجم المخالفات التي هي قيد التحقيق حاليا في النيابة العامة، وهي جزء من قضايا وملفات اخرى بعضها تنظر فيه المحاكم والبعض الاخر في الطريق اليها!
ليس من المستبعد ان تمارس وزارة المالية نفس الدور التاريخي في نقل صورة مختلفة عن الواقع امام مجلس الوزراء، كما حصل سابقا بالنسبة للمخالفة المالية الجسيمة التي سجلها ديوان المحاسبة بخصوص احد المشاريع الاستثمارية خارج الكويت، فالمنظمة الدولية لن تكون حاضرة في الاجتماع لتبيان حقيقة عدم تعاون وزارة المالية.
وكذلك الحال بالنسبة لاستقالة رئيس وحدة التحريات المالية التي يكتنفها كثير من الغموض، وقد يكون لها تداعيات دولية ايضا تضع الكويت ايضا تحت مجهر التهرب من الاتفاقيات الدولية، لكن الادارة الحكومية قادرة على تصحيح الصورة دوليا من خلال ضخ اموال في المنظمات الدولية كمن يدخل عمليات التجميل او ما يعرف بعملية FACE LIFTING.
اعلم بان وزارة المالية ربما تكون مشغولة بالجراحة التجميلية، ولكن رأي هيئة «نزاهة» مهم في هذه الألغاز حتى لو بين القنوات الرسمية وليس الاعلامية ترسيخا للتعاون مع الحكومة، خصوصا ان «نزاهة» تخضع لمظلة الحكومة ومطالبة بمكافحة الفساد وفقا لرؤية الحكومة وليس مؤشر مدركات الفساد!