زيد الحلّي 

لقد تعبنا .. نطالبكم بالكف عنا 

اوقات عصيبة من الفوضى والوعود عشناها قبل موعد الانتخابات بأشهر ، حيث ازدحمت الافكار وتصارعت الالسن ، وهذا حالنا كل اربع سنوات ، حين يحل ( موسم ) الانتخابات البرلمانية .. لقد تعبنا وداهمنا اليأس والقنوط ، متمنين ان تفضي الرحلة الماراثونية الرتيبة الى نهايتها ، لنأخذ مدة من الزمن ( استراحة ) ففي كل ساعة كانت تفاجئنا نتيجة ورقم انتخابي ، وفي الساعة التالية نجد من ينفي تلك النتيجة ، حتى اصبحنا نعيش فوازير رمضان ، قبل حلوله!

لقد وضع التعب يده على أهدابنا، كأنه يفرض علينا النوم مستسلمين لواقع يريده لنا البعض .. لكن هذا البعض نسيّ انه ما من شيء يستطيع أن يضع يده على أحلامنا ، فهي زادنا الذي نقاوم به الزمن !

اكثر من نصف الذين يحق لهم الانتخاب ، قاطعوا ، فيما غيرهم ذهبوا الى صناديق الاقتراع ، غير ان الطنين اطبق على أذان الجميع ، فأصابهم بالصمم ، والان ، بعد ان وصل قطار الانتخابات الى آخر محطاته ، فأن المواطن لا يطلب من الذين صدعوا رأسه بالوعود ، واصابوه بعمى الالوان بصورهم وتصريحاتهم وبياناتهم ، أن يؤسسوا له مشاريع لسد جوعه ، ولا منظمات تدعمه ، و لا هيئات تقضى على فقره، إنما يطالبهم بأن يكفوا عن الصراخ المتبادل في ما بينهم ، فذلك يعني ان نار الكراهية المجتمعية ، ستبقى مستعرة بين فئات ومجموعات لا ناقة لها ، ولا جمل في كل الذي جرى ويجري … هدفهم متواضع : عيش مقبول ، وزمن آمن ، ولقمة بسيطة .. ان قولة الحق ، وضعت ميزاناً للعيش الكريم ، ورؤيا سليمة لبناء نفسية قادرة على العطاء ، حتى لا تضيع الحقوق ولا تفنى البلاد بين حب أعمى وبغض عقيم ، فيصدر عن الحب الانساني ، الائتلاف والمودة والتعاون والرحمة وتقوية الرابطة وتمكين الصلة ، فتسعد الأفراد والجماعات والأمم ويصدر عن البغض القطيعة والهجران والتفرق والاختلاف والخذلان والقسوة والشدة، وكل حركاتنا وأعمالنا وصفاتنا ناتجة عن الحب والبغض، سوى ان الحب يؤلف بين الافراد مهما بعدت افكارهم ، ويفرق البغض بين اقرب الناس الى بعضهم فيشقيهم ويشقي البلاد معهم ..انتهى المخاض ، لكن الورم ما زال في مختبرات التحليلات المرضية ، فلا نعرف ان كان حميدا ام غير حميد ، رغم قناعتنا بأن تعزيز مفهوم التعددية المتنوعة بمعانيها الإيجابية يخلق حالة من التفاعل البنّاء في ساحة النشاط الوطني ، ويفتح الباب نحو الارتقاء في منظومات العمل المستمر، الذي يستوعب المتغيرات المتلاحقة في كل المستويات وفي جميع المجالات.. لكن ، ما يؤسف له ان حالة الحب والبغض والارتياب والتسلط اصبحت من طبيعة بعض المتخاصمين في وطني ومن صفاتهم المتأصلة الملازمة لهم … وما عليكم سوى النظر الى لقاءاتهم وسماع تصريحاتهم ، وتبادل الاتهامات في ما بينهم ، ورائحة الشك المنبعثة من افواههم ..

لهم نقول : لقد تعبنا .. ونطالبكم بالكف عنا !