فاتح عبدالسلام

ابتدأ‭ ‬مرشح‭ ‬خاسر‭ ‬دعايته‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬بالتهكم‭ ‬على‭ ‬ذكاء‭ ‬العراقيين‭ ‬محاولاً‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬مسيطر،‭ ‬معيداً‭ ‬إليهم‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬أطلقوه‭ ‬بحرقة،‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬يجب‭ ‬عنه‭ ‬سياسي‭ ‬عراقي‭ ‬واحد‭ ‬طوال‭ ‬خمس‭ ‬عشرة‭ ‬سنة،‭ ‬وهو‭ ‬ماذا‭ ‬قدمتم؟‭ ‬،وراح‭ ‬المرشح‭ ‬الذي‭ ‬أدمن‭ ‬منصبه‭ ‬البرلماني‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يواجه‭ ‬الحقيقة‭ ‬،‭ ‬يحتال‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬بجمل‭ ‬انشائية‭ ‬مزوقة‭ ‬،‭ ‬ذكّرت‭ ‬الناس‭ ‬بما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬زكّى‭ ‬نفسه‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬السابقة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬الناس‭ ‬ما‭ ‬وُعدوا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬صحي‭ ‬وماء‭ ‬صالح‭ ‬للشرب‭ ‬وكهرباء‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬الذروة‭ ‬وفرص‭ ‬عمل‭ ‬للشباب‭ ‬العاطلين‭ ‬ومعامل‭ ‬معادة‭ ‬لانتاج‭ ‬السكر‭ ‬والقماش‭ ‬والاسمنت‭ . ‬هكذا‭ ‬بسهولة‭ ‬استعرض‭ ‬نفسه‭ ‬،كما‭ ‬فعل‭ ‬سواه‭ ‬متوهماً‭ ‬انه‭ ‬يخطف‭ ‬أصوات‭ ‬الناخبين‭ ‬الذين‭ ‬ازداد‭ ‬الوعي‭ ‬لديهم‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬

الفائزون‭ ‬بالعضوية‭ ‬البرلمانية‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬المجربين‭ ‬سابقاً‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬طينة‭ ‬ذلك‭ ‬الخاسر‭ ‬الكبير،‭ ‬ليسوا‭ ‬بأفضل‭ ‬منه‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الموجة‭ ‬جاءت‭ ‬معهم‭ ‬لأسباب‭ ‬شتى‭ . ‬ذلك‭ ‬إنّ‭ ‬العراقيين‭ ‬لم‭ ‬يحصدوا‭ ‬سوى‭ ‬الريح‭ ‬دائماً‭ ‬من‭ ‬برلماني‭ ‬جديد‭ ‬أو‭ ‬قديم‭ .‬

البرلمانيون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الديمقراطي‭ ‬أناس‭ ‬عاديون‭ ‬لا‭ ‬امتيازات‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬حمايات،‭ ‬همهم‭ ‬متابعة‭ ‬تطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬والاسهام‭ ‬في‭ ‬التشريعات‭ ‬بفاعلية،‭ ‬لا‭ ‬يشغلون‭ ‬الاعلام‭ ‬الرسمي‭ ‬او‭ ‬الخاص‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬نادرة‭ ‬ولوقت‭ ‬قصير‭ ‬في‭ ‬خبر‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬اجتماعية‭ ‬أو‭ ‬اقتصادية‭ ‬غالباً‭ ‬وليس‭ ‬سياسية‭ . ‬في‭ ‬حين‭ ‬إنّ‭ ‬الاعلام‭ ‬العراقي‭ ‬يستهلك‭ ‬من‭ ‬طاقاته‭ ‬ربّما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسعين‭ ‬بالمائة‭ ‬بأخبار‭ ‬برلمانيين‭ ‬وسياسيين‭ ‬ساقطين‭ ‬في‭ ‬مناكدات‭ ‬حزبية‭ ‬وشخصية‭ ‬تستنزف‭ ‬الوقت‭ ‬والبلد‭ ‬وقد‭ ‬تستنزف‭ ‬الدماء‭ ‬أحياناً‭ .‬

لو‭ ‬سلّط‭ ‬الاعلام‭ ‬المحلي‭ ‬نصف‭ ‬اهتمامه‭ ‬المبذول‭ ‬لخدمة‭ ‬السياسيين‭ ‬،على‭ ‬فلاح‭ ‬عراقي‭ ‬يكدح‭ ‬ويزرع‭ ‬الطماطة‭ ‬في‭ ‬حقول‭ ‬الزبير‭ ‬بالبصرة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬ربيعة‭ ‬بالموصل‭ ‬وآزره‭ ‬في‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬احتياجاته‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬،‭ ‬لربّما‭ ‬تولدت‭ ‬حوافز‭ ‬انتاجية،‭ ‬وصدّرنا‭ ‬الطماطة‭ ‬لأوروبا‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لوفرنا‭ ‬منها‭ (‬العتاد‭ ‬الكافي‭) ‬لرمي‭ ‬الفاسدين‭ ‬كلّما‭ ‬خرجوا‭ ‬علينا،‭ ‬ليبيعوا‭ ‬شرفاً‭ ‬يفتقدون‭ ‬إليه‭ .‬