خالد أحمد الطراح 

 دخلت الكويت فصلاً جديداً منذ فترة من فصول الفساد العلمي بفضل ضعف رقابة الجهات المعنية وغياب دورها الفعال كوزارة التعليم العالي، التي يفترض ان تمارس عملها بدقة في اعتماد الشهادات العلمية، سواء كانت على المستوى الثانوي والجامعي أو الدراسات العليا ايضا، فالتزوير في الأوراق الرسمية وارد حتى في الشهادات بمختلف المستويات.


صحيح ان وزارة التعليم العالي والقائمين عليها اليوم قاموا بواجبهم، وان كان متأخرا، ولكن ينبغي عدم احالة المعنيين او بالأحرى المزورين للشهادات، وإنما تقصي ملف الفساد العلمي، فلكل جريمة اطراف، منها الطرف المباشر، وأطراف اخرى سهّلت عملية التزوير، وزرعت الثغرات الادارية والمالية لتسهيل عملية التزوير في المستندات الرسمية، وهم من المتسترين على مثل هذه الجرائم، ومن غير المستبعد ان يكونوا من المستفيدين من التزوير ايضا!


عملية التزوير في الشهادات العلمية قضية لا تخص وزارة التعليم العالي وجهات العمل الحكومية فقط، وانما تخص ايضا ديوان الخدمة المدنية وأي جهة رقابية اخرى يهمها تطبيق القانون على الجميع، سواء من مواطنين او وافدين ايضا، وهو ما يتطلب نبش ملفات تعيينات وافدين ايضا بمستوى خبراء ومستشارين وغيرهم ممن تم تعيينهم في وزارات الدولة من دون التدقيق والمصادقة واعتماد شهاداتهم العلمية من جهات الاختصاص في بلدانهم، وكذلك وزارتي الخارجية والتعليم العالي في الكويت، اسوة بمتطلبات وإجراءات تعيين المواطنين، حيث ان هناك تعيينات لبعض الوافدين بمسميات مختلفة ومقابل مكافآت مبالغ فيها جدا تتجاوز بعضها رواتب المواطنين ذوي الخبرة والاختصاص على حساب المال العام وميزانية دولة يقال انها تواجه عجزا في الميزانية، بينما الترف والهدر الحكومي يتنفع منهما بعض الوافدين والمواطنين ايضا.
وزارة الاعلام كإحدى الجهات الحكومية تنتهج سياسة الاستثناءات في التعيينات والانتقائية في الاعتماد على بعض الوافدين في مجالات حساسة بناء على سير ذاتية من نسيج الذات مع تقديم نسخ عن شهادات غير مصدقة ومعتمدة رسميا في بلدانهم، وكذلك في الكويت، ويتم بموجب هذه الأوراق والشهادات غير المصدقة اعتماد قرارات التعيين في مواقع مختلفة قد يصل الى التجني على بعض المواطنين من قياديين وموظفين، من خلال نسب تهم وطعن في الذمم نتيجة خصومة مفتعلة من بعض اصحاب القرار الوزاري، وبفضل بعض المستشارين ذوي «الخبرات» في التكييف القانوني، وصياغة المذكرات كما تشتهي النفوس وليس وفقا لنصوص القانون!
هذا لا يعني تبرئة الساحة الكويتية والتجني على وافدين شرفاء، فمثلما هناك فاسدون كويتيون هناك ايضا فاسدون وافدون، وهو انعكاس لبيئة فاسدة تدفع ايضا المتسلقين إلى استغلال بعض النوافذ حتى لو دخلت في المحظور الاخلاقي من ابواب الاغراءات وما اكثرها في دولة يتم تعيين فيها البعض في مناصب قيادية نتيجة ليس سياسة المحاصصة المعروفة محليا، وإنما الوقوع في فخ هوى طبيعة فنون الترغيب والابتزاز.
هناك العديد من الملفات الدالة على مثل هذه الحالات الاستثنائية التي تستوجب فريقا مشتركا من الجهات المعنية للتدقيق على كل مسوغات وإجراءات التعيين ومدى سلامتها وصحتها حتى يصبح القانون مطبقا بمسطرة واحدة من دون اي استثناء، فليس الكل يمكن ان يقاوم نزعات بشرية بشعة.
ربما لدينا ظاهرة الفاسد المفتون، وهي قيد التطور والتطوير كشكل من اشكال فنون الفساد والفتنة الجديدة!