وليد عبد الرحمن

أكد مسؤول في الأزهر أن مرصده في القاهرة عكف طيلة الشهور الثلاثة الماضية على درس قدرات الآلة الإعلامية لتنظيم داعش الإرهابي، لا سيما بعد فقدانه 98 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق.

وذكرت الدراسة أن «هناك عدداً من المتغيرات التي طرأت على محتواه الإعلامي، كانخفاض الإصدارات، والتأخر في البيانات، وغلبة النغمة الدفاعية، وسقطات الترجمة، فضلاً عن رداءة جودة الصور والفيديوهات».

وكان تنظيم داعش معروف بفيديوهات بالغة الفظاعة بما في ذلك قطع رؤوس مدنيين وعسكريين في سوريا والعراق (ودول أخرى). ويقول مراقبون إنه استخدم سياسة قطع الرؤوس بهدف «الترهيب»، إذ أصدر سلسلة من أشرطة الفيديو الدعائية لعمليات إعدام علنية وجماعية، واحتوى بعضها على سجناء أجبروا على حفر قبورهم بأيديهم قبل قتلهم.

وأشارت دراسة الأزهر إلى أن المكافحة الإلكترونية التي شنتها مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، ساعدت في ترنح الشبكة الإعلامية لـ«داعش». ويُضاف إلى ذلك الحملات العسكرية المكثفة للتحالف الدولي والتي كان لها نتائج إيجابية في تقويض «الإعلام الداعشي» بعد قتل عدد من القيادات التي شغلت مناصب رئيسية فيه مثل أبو محمد العدناني، الذي كان بمثابة وزير الإعلام في التنظيم، وأحمد أبو سمرة المسؤول عن نشاط التواصل الاجتماعي. ويشار إلى أن «داعش» يمتلك آلة إعلامية ساعدته في السنوات الماضية كي يصبح التنظيم المتطرف الأشهر في العالم. ولدى التنظيم مواقع ومنابر إعلامية كثيرة ومواقع أخرى تعيد نشر إصداراته من دون أن تكون مرتبطة به ارتباطاً عضوياً.

وقال الدكتور محمد عبد الفضيل، مدير مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى، أمام لجنة مكافحة التطرف في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الليلة قبل الماضية، إن «التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات المختلفة في مجال مواجهة الإرهاب هدف لم يعد خياراً نفعله أو نتركه؛ بل هو واجب حتمي تأخر كثيراً»، مؤكداً أن غياب التكامل وعدم تنسيق الجهود يمثلان «أحد أهم الأسباب التي أدت إلى الفشل الذي نعاني منه في مكافحة الإرهاب الذي أسال دماء الأبرياء في شتى بقاع العالم، وفكك عائلات كثيرة باستخدام وسائل مختلفة يأتي في مقدمتها أكثر من 18 مجلة إلكترونية تصدرها التنظيمات والجماعات المتطرفة».

وأوضح أن الأزهر أنشأ مرصده عام 2015 «إيماناً منه بأن الفكر المتطرف لا يمكن مواجهته إلا بعد قراءة عميقة ودراسة موضوعية لسرديات الجماعات الإرهابية المختلفة، لا سيما التباين الشديد في أفكار (المتطرفين) والاختلافات الكثيرة في مرجعياتهم التراثية». وقال إن مرصد الأزهر يعمل بـ11 لغة في كتابة مقالات وتقارير ومتابعة أحوال المسلمين في العالم، وينشر بشكل شهري إحصائية تتناول أعداد القتلى والمصابين جراء العمليات الإرهابية الواقعة في عدد من دول العالم، لافتا إلى أن أول عمل للمرصد كان على المجلات الإلكترونية التي تصدر باللغات المختلفة لتنظيمات الإرهابية مثل «دابق»، و«رومية»، و«دار السلام»، و«الرسالة»، و«النبأ»، إضافة إلى مجلات أخرى.

وأشار مدير مركز الأزهر العالمي إلى الحملات الشبابية التي أطلقها المرصد على منصات التواصل الاجتماعي مثل حملة «يدعون ونصحح»، و«التعريف بمصطلح الجهاد»، و«قيم إنسانية»، و«هن»، و«رحمة للعالمين»، و«كيف للدين؟»، و«طرق الأبواب» التي استهدفت آخر حلقاتها شباب الجامعات تحت مسمى «ملتقى الشباب... اسمع وتكلم». وطالب بضرورة تضافر جهود كل المؤسسات العاملة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، بما فيها التي تعمل على الأبعاد الدينية والفكرية، أو التي تعالج من جانب اجتماعي أو التي تنظر إلى الأبعاد السياسية والأمنية، داعياً إلى «تبني فكرة مشروع دولي يحتضن شباب العالم تحت مسمى (اسمع وتكلم) لتوعيتهم بمخاطر استقطاب الجماعات التي تنتهز ما يمر به بعض الدول من جهل وفقر وفراغ روحي، للتأثير على أفكارهم ودفعهم لحمل السلاح بهدف إقامة خلافة مزعومة أو نصرة أفكار مسمومة».