عبدالله بن بخيت

(الإسلام واحد من أعظم الديانات في العالم، وهنا أجد من الضروري، كأحد مؤرخي الإسلام من غير المسلمين، أن أوضح ما أعنيه بهذا الكلام، فالإسلام جلب السلام والأمان لعقول ملايين لا تحصى من الرجال والنساء، والإسلام أعطى الكرامة والمعنى لأناس كانت حياتهم رتيبة وفقيرة، وعلّم العيش بإخاء لأناسٍ من أعراق مختلفة، وعلّم أناسًا، من عقائد مختلفة، التعايش جنبًا إلى جنب وبتسامح نسبي؛ كما أنه ألهم حضارة عظيمة عاش فيها آخرون، إلى جانب المسلمين، حياة خلاقة ومثمرة، وقد كان لهذه الحضارة منجزاتها التي أغنت العالم، لكن الإسلام، كغيره من الديانات، عرف مراحل ألهم فيها مزاجًا من الكراهية والعنف لدى بعض أتباعه، ومن سوء حظنا اليوم أن قسمًا، هو ليس في أي حال الكلّ أو الأغلبية، من العالم الإسلامي يمر حاليًا في مثل هذه المرحلة حيث الكثير منهم، وإن أيضًا ليس كلّ، يحمل هذا الحقد موجهاً ضدنا.

لكن دعونا لا نبالغ في تقدير أبعاد هذه المشكلة، حيث لا يوجد في العالم الإسلامي إجماع على رفض الغرب، كما لم تكن المناطق المسلمة من العالم الثالث من بين الأكثر انفعالاً وتشددًا في عدائها له، فما زالت هناك أعداد مهمة، وهي في بعض الأماكن أغلبية، من المسلمين الذين نتقاسم معهم بعض قيمنا الثقافية والأخلاقية، والمعتقدات والتطلعات، كما لا يزال هناك وجود غربي مهم - ثقافي، اقتصادي، وديبلوماسي - في بعض البلدان المسلمة، التي ما زال بعضها حليفًا للغرب. وقطعًا لم يعرف الغرب، في أي مكان من العالم الإسلامي، مشكلات يمكن مقارنتها بتلك التي واجهها في جنوب شرقي آسيا وأميركا الوسطى، حيث لا يوجد في العالم الإسلامي دول مثل كوبا أو ڤيتنام، ولا أماكن تقاتل فيها القوات الأميركية مباشرة أو من خلال «مستشارين» لكن هناك دولاً كـ ليبيا وإيران ولبنان، وهناك تصاعد في الحقد والأسى الذي أصبح يقلق، إن لم نقل، يثير تساؤلات الأميركيين).

بعد أن قرأنا هذا المقطع لنقرأ هذا الكلام: (إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية) إلخ..

هل يستوي قائل هذا الكلام الأخير مع قائل الكلام الأول، هل من العقل أن يكون صاحب هذين الرأيين المتناقضين شخصاً واحداً.

كلاهما ينسبان للمفكر الأميركي برنارد لويس، استطعت أن أجد للكلام الأول مصدراً ولكني لم أجد للثاني مصدراً سوى (موقع إسلامي)، هكذا إذاً يشكل هؤلاء وعينا ونظرتنا للآخرين.