خالد أحمد الطراح

 ربما كان يتوقع النائب الشاب أحمد الفضل تعليقا من الوسط الصحافي بأنه لم يوفق في التبرير للتسجيل الصوتي المسرب له، والارتكان الى دور وساطة نيابية يراه قانونيا كما فسرته ايضا لجنته الاعلامية، ولكن جاءت رياح الاستياء خارج المتوقع، خصوصا في اشارة القبس على صدر صفحتها الاولى بعنوان «اركد.. العذر اقبح من الذنب».(21 – 5 – 2018)
تمنيت فعلا لو كان النائب الشاب أحمد، النشط اعلاميا وإرسال الرسائل خصوصا لناخبي الدائرة الثالثة – أنا احدهم- ركز اثناء حملته الاولى في الانتخابات التكميلية بعد وفاة والده النائب المرحوم نبيل على جزئية الوساطة النيابية للعطايا الحكومية او المساعدات للمحتاجين، لقفز حينها بالنجاح منذ الجولة الاولى للانتخابات، محققا طموحه ومساعي محيط قريب عليه، ربما ليس ببعيد عن السلطة الحكومية ولكن بثوب مختلف لونا وشكلا!

النائب الشاب أحمد الفضل اعاد ارسال مرتين التبرير (التلطيفي) لما ورد في التسجيل ربما بسبب طبيعة المفاجأة، ولكن كنت شخصيا متوقعا أنه سيقع يوما ضحية في فخ الاندفاع والحماس نحو ساحة اعلامية ليست كلها يمكن ان تتقبل مثل هذه التبرير او تكون سندا له ولغيره من نواب «واسطة» العطايا والمساعدات من المال العام، فالصحافة الكويتية ليست كلها كأسنان المشط.
الحكومة من جانبها يبدو انها «اجتهدت» في صياغة بيان صحافي تحت عباءة الدستور والقانون وهو امتداد لسوابق سياسية وإعلامية.

من المفيد التذكير ليس فقط في مضمون ما ورد في التسجيل المسرب، وإنما في صور لبعض النواب الذين يتمتعون بود حكومي استثنائي، فقد انتشرت صور لهؤلاء النواب وهم يجلسون على مقاعد قياديي وزارات الخدمات لتأدية واجب «الواسطة» لبعض افراد الشعب عند الحكومة، وهو ما يتناقض كليا مع بيان مجلس الوزراء الذي نشر في 22 – 5 – 2018 تنفي فيه اي «واسطة» في «المساعدات القانونية»!
البيان الحكومي الذي لله الحمد لم يطله قرار السرية تجاهل «تراث» الواسطة الكويتية، فالتعيينات البراشوتية هي ابتداع حكومي، والعقوبة في الاحالة إلى التقاعد من دون سند قانوني هي ايضا ممارسة وزارية تشهد عليها أحكام قضائية!
في ظل هذه الامثلة البسيطة، اين البرهان على ان تقديم المساعدات، اي العطايا ككلمة مرادفة للمساعدات، «بلا وساطة»؟
اما بالنسبة لما ورد في التسجيل المسرب – إن ثبتت صحته – من كلمات جارحة ونعوت للحكومة، فمن الواضح ان الحكومة نزل عليها وحي التسامح والسمو فوق التجريح اللفظي بشكل استثنائي، تقديرا لظروف لا ينبغي البوح فيها للشعب، فربما هي جزء من سياسة حكومية جديدة!
بند العطايا غير موجود في ميزانية الدولة اليوم، ولكن هذا لا يعني استحالة استحداثه مستقبلا من خلال تكييف قانوني يشرع العطايا عبر بعض نواب الواسطة، فمسطرة الحكومة لها شكل وقياس مختلف تماما عما هو معروف حسابيا وسياسيا!
اعود الى «بلاغ النائب أحمد الفضل ضد نفسه» فهو ربما «تاريخي» بعين من استقبل النائب في هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، حيث ان هناك تسلسلا تاريخيا لمثل هذه البلاغات.
عتبي ليس على النائب الشاب أحمد الفضل وإنما على محيط من الناخبين الذين كانوا على علم بدور الوساطة الذي تبناه النائب من دون تقاسم هذه المعلومة مع باقي ناخبي الدائرة الثالثة من المحتاجين لمساعدات مادية!
الباقي المنتظر مشروع قانون نيابي- حكومي لرفع سقف العطايا والمساعدات الحكومية وتحديد شريحة المستفيدين منها والوسطاء ايضا حتى لو كانوا نواباً!