بغداد 

يعقد البرلمان العراقي اليوم جلسة طارئة لمناقشة أزمة تراجع منسوب مياه نهر دجلة إلى مستويات خطيرة، بعدما شرعت تركيا بملء سد «أليسو» الواقع على النهر في الجانب التركي، وسط مخاوف من أزمة جفاف هي الأخطر في العراق منذ عقود، ما دفع سياسيين إلى المطالبة بتدخل دولي لمواجهة الكارثة، فيما حذر بعضهم من نشوب نزاع مائي مع أنقرة.


وبُثت مشاهد صادمة لنهر دجلة مساء أول من امس أثارت فزع العراقيين، واستحوذت على اهتمام الأوساط الرسمية، إذ أظهرت مقاطع فيديو لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أشخاصاً يعبرون نصف ضفة النهر سيراً على الأقدام بعد انخفاض منسوبه، وسط مخاوف من تصاعد الأزمة خلال أسابيع، خصوصاً جنوب البلاد التي أعلنت منذ أيام إلغاء خطط زراعية للموسم الحالي.

ويعاني العراق من مشكلة مائية مركبة، إذ إن منابع نهري دجلة والفرات تقع خارج حدوده، وتسيطر عليها تركيا وسورية وإيران، في وقت تتسابق هذه الدول من أجل بناء سدود ضخمة استعداداً للأزمة العالمية المقبلة، فيما لا يمتلك العراق القدرة على بناء سدود مماثلة لما تتطلبه من جهود وأموال كبيرة لإقامة مثل هذه المشاريع الاستراتيجية الكبيرة. واكتفت السلطات العراقية بعد عام 2003 بصيانة السدود الموجودة التي شُيّدت غالبيتها في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وأبرزها سدا الموصل وحديثة، فضلاً عن سديْ دوكان ودربندخان في إقليم كردستان.

واعلن رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس عقد جلسة طارئة اليوم، لمناقشة أزمة المياه والواقع الزراعي، مضيفاً أن «الجلسة ستُعقد بحضور وزراء الزراعة والموارد المائية والخارجية».

وعلّق وزير الموارد المائية حسن الجنابي على الأزمة، قائلاً إن أنقرة بدأت بملء سد «أليسو» الذي أنشئ على نهر دجلة، إذ لوحظ مباشرة انخفاض منسوب مياهه في الجانب العراقي، وأضاف: «لدينا اتفاق في شأن حصة المياه التي تُخزن والكميات التي ستُطلق، ويستمر هذا الاتفاق حتى تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل». وأشار إلى أن «العراق سيجتمع مع مسؤولين أتراك في تشرين الثاني المقبل في مدينة الموصل لمراجعة الاتفاق والنظر به وفق المعطيات الجديدة».

وأعلن، أمس، رياض عز الدين مدير سد الموصل، أكبر سدود البلاد انخفاض منسوبه، موضحاً أن «مستويات المياه التخزينية في السد انخفضت إلى أكثر من ثلاثة بلايين متر مكعب عن العام الماضي الذي كان يصل إلى أكثر من ثمانية بلايين متر مكعب».

وأبدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية قلقها إزاء أزمة الجفاف التي ضربت البلاد، وقالت في بيان أمس، إنها «تحذر من النقص الملحوظ في مياه نهري دجلة والفرات بسبب الإجراءات المائية المتبعة من الدول المجاورة للعراق، والتي ساهمت في شكل كبير في انخفاض منسوب المياه وجفاف أنهار بأكملها، إضافة إلى ما تعانيه المنطقة من قلّة أمطار وارتفاع درجات الحرارة».

وحذر نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي من نشوب نزاع مع تركيا بسبب المياه، وقال في بيان أمس: «نتابع بقلق شديد خطر إجراءات الحكومة التركية وتسببها بشح المياه نتيجة بناء السدود على حساب حياة العراقيين»، وأضاف: «على رغم كل النداءات والمفاوضات تصر تركيا على سياسة الإضرار بالعراق».

ودعا رئيس «تيار الحكمة الوطني» عمار الحكيم أمس، الحكومة العراقية إلى اتخاذ موقف من استئناف تركيا الخزن في سد «أليسو»، فيما حذّر من تداعيات خطيرة على الصعد البيئية والاقتصادية والاجتماعية في العراق.

وكان وزير الموارد المائية أطلع البرلمان في جلسة طارئة الصيف الماضي على أن العراق سيواجه أزمة جفاف كبيرة، مشيراً إلى أن البلد خسر 30 في المئة من كمية المياه التي كان يحصل عليها من نهري دجلة والفرات، فيما سيخسر خلال سنوات قليلة 50 في المئة من حصته التاريخية من دون حساب تأثيرات المناخ وأزمة الاحتباس الحراري العالمية. واقترح الجنابي البدء في خطة إستراتيجية طويلة الأمد تبدأ من العام الحالي وحتى عام 2035 تتطلب 184 بليون دولار، منها 68 بليوناً إلى قطاع الري الزراعي.