سعود الشهري

حبذا لو اتجهت الجهات المختصة إلى توحيد الآذان وجعله آليا، بحيث يبث على جميع مساجد المدينة الواحدة في آن واحد، عبر الوسائل التقنية الحديثة، لتنتظم أمور الناس الدينية والدنيوية.

في هذا الشهر الفضيل، عندما يحل موعد الإفطار أو موعد السحور، تنطلق أصوات المآذن من كل ناحية في صوت جميل، يعكس الطابع الإسلامي الجذاب، لكنه في الوقت ذاته يلاحظ تفاوت واضح بين المؤذنين. 
فهناك مؤذن يلتزم بالوقت، وهناك آخر لا يلتزم، مما يوقع الناس في حرج بين هؤلاء أيهم يكون عليه الاعتماد في هذا الأمر المهم المترتب عليه ركن من أركان الإسلام كالصيام.
وأضف إلى الصيام إغلاق المحلات التجارية وفتحها، والذي نحبذ عدم ربطها أصلا بالأذان إغلاقا أو فتحا. هذا التفاوت بين المؤذنين سيدخل الباعة والزبائن في حرج، ويجعل المدينة الواحدة بعضها قد أغلق والبعض الآخر ما زال قائما!
وقس على ذلك دوام الموظفين وخلافه من مصالح الناس.

كما أن من فوائد توحيد الأذان، هو سماع الكل صوتا جميلا محببا، فلربما كان هناك كثير من الأصوات غير محببة للسماع، فيكون من فوائد هذا التوحيد القضاء على «التلوث السمعي» الذي يحدثه بعض الصبية، أو من لا يتقن العربية، أو من لا يجيد النطق القويم، ولا يخفى ما فعله النبي الكريم تدعيما لهذا عندما «انتقى» بلالا -رضي الله عنه- مؤذنا وقال لصاحب الرؤيا «فقم مع بلال فإنه أندى منك صوتا»، كما أن توحيد الأذان سينتج عنه توحيد مستوى صوت المكبرات الذي ربما يزعج مريضا أو نائما عن نافلة أو ذا عذر، والذي يخضع «لآراء» فردية لا يحكمها معيار موحد.
حبذا لو اتجهت الجهات المختصة إلى توحيد الآذان وجعله آليا، بحيث يبث على جميع مساجد المدينة الواحدة في آن واحد، عبر الوسائل التقنية الحديثة، لتنتظم أمور الناس الدينية والدنيوية.
وإن كان هناك من يرى عدم جواز كونه آليا فيقول بوجوب كونه «مقولا» لا محكيا، فليجعل الأمر مرتبطا بمسجد مركزي يؤذن فيه شخص لا آلة، ويبث أذانه في كل المساجد في اللحظة نفسها.
وإن احتج البعض باحتمالية انقطاع التيار الكهربائي مما سيخفي الآذان، فإن انقطاع الكهرباء سيخفي الأذان الموحد أو المنفرد ولا فرق، فليس معقولا أن يكون صوت الإنسان بذاته دون مكبر بالغا لمئات المسامع.
ولعل لمن سبقنا من الدول المجاورة -كما في دولة الإمارات الشقيقة ودولة الجزائر وغيرهما- تجربة واضحة لم تثمر شرّا كما يدعي بعض التيارات، بل نظمت وأظهرت مظهرا حضاريا، ولم «يكفر» أحد!
ولعل في الأمور المستحدثة رفضا مبدئيا ربما يكون عارما، لكنه سرعان ما يتحول الأمر إلى مستساغ وربما محبذ.
ختاما، فإن الغرض من الأذان هو الإعلام بوقت دخول الصلاة بأي وسيلة كانت، وعندما يكون الأمر جديدا فحتما سيواجه الرفض والنفور، وربما يكفّر من يتبنى الفكر، ولكنه وحتما سيستساغ ويكون ويتبع، ذلك لأنه وكما يقول العامة «ما يصح إلا الصحيح».