علي سعد الموسى

في المخيال الذهني لدينا، ارتبط اسم وزارة الإعلام بوظائف السلطة الرقابية على كل ما يمكن له تشكيل وقولبة الرأي العام، ولهذا ظلت المطالبة بتحرير الجسد الثقافي عن سطوة الرقابة الإعلامية. الثقافة في مفهومها الأوسع والمنحوت من كلمة culture التي يصعب ترجمتها فعلياً إلى اللغة العربية، لا يمكن لها أن تنمو وتعيش لتعكس صورة مجتمعها المتكامل إلا تحت سقف مفتوح وبلا غطاء، ولكن ضمن ضوابط الحرية المسؤولة. الحرية المسؤولة نفسها كمصطلح هي أيضاً بحاجة إلى تفسير لأنها مفردات مطاطية طوباوية، وكل منا، وكل مدرسة وفريق، له حدوده الواسعة أو الضيقة مع مفاهيم الحرية.
وحتى في زمن سعودي ليس بالبعيد، وعندما كانت وزارة الإعلام لا ترتدف بمفردة «الثقافة» في اسمها ولوحاتها كانت هي من تفسح الكتاب. وعلى مسؤوليتي سأكتب أن أول مستفيد من القرار الملكي الأخير بفصل الثقافة عن الإعلام هي وزارة الإعلام نفسها، التي ستتفرغ من اليوم إلى وظيفتها الجوهرية كخط دفاع عن القضايا السعودية وفي مرحلة معضلية وجوهرية. وبما أنني أسميت «الإعلام» بخط الدفاع فأسبغ على «الثقافة» خط الهجوم، بوصفها المسؤول عن تسويق الصورة الثقافية الحقيقية للمجتمع السعودي، وهي، وللتاريخ، وللأمانة صورة نمطية مشوشة لا تعكس الوجه الحقيقي للسعودية الجديدة.
وحتى لا تكبر الأماني ويرتفع سقف التوقعات من وزارة الثقافة، وعلى طريقة «لا شيء يرضي المثقف» سأقول إن هذا الفصل السيامي ما بين الجسدين سيمر بفترة مخاض معقدة وصعبة كي يفهم كل فريق مهامه وضوابط وظيفته الأصلية. نحن في الأساس من «أولدهما» جسدين في رئة وقلب واحد وإن كانا برأسين لا علاقة لوظيفتيهما ببعضهما البعض. 
سأكتب غداً لمعالي الأمير الوزير الجديد رؤيتي للدور الأهم والأبرز على عاتق الوزارة في ظرف السعودية المتحولة، وهو حتما سيقرأ مئات الآراء المتناقضة. الثقافة هي التناصح والتناقض.