لطيفة العروسني

تسبب انضمام وزير مغربي إلى وقفة احتجاجية، نظمها عمال شركة الحليب المشمولة بالمقاطعة، في انتقادات واسعة من أعضاء حزبه، الذي أعلن أمس عقد اجتماع استثنائي للأمانة العامة، فضلا عن تعرضه لسخرية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.


ففي خطوة مثيرة أثارت كثيرا من الجدل، انضم لحسن الداودي، وزير الشؤون العامة والحكامة المنتمي لحزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي، إلى مظاهرة نظمها الليلة قبل الماضية عمال شركة «سنترال دانون» أمام مقر البرلمان في الرباط، احتجاجا على استمرار مقاطعة الشركة، الذي يهدد عددا كبيرا منهم بفقدان عملهم.
في غضون ذلك، أعلن سعد الدين العثماني رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أنه تقرر عقد اجتماع استثنائي للأمانة العامة للحزب، مساء أمس، لمناقشة موضوع خروج الوزير الداودي في مظاهرة عمالية. ودعا العثماني جميع أعضاء الحزب إلى «عدم الإدلاء بأي تصريح، أو الإعلان عن أي موقف بأي وسيلة كانت، إلى حين مناقشة الموضوع من قبل الأمانة العامة».
ونسب الموقع الإلكتروني الرسمي للحزب أمس إلى مصدر مقرب من رئيس الحكومة، أن هذا الأخير «فوجئ بالتحاق وزير الشؤون العامة والحكامة بمجموعة من المتظاهرين أمام مقر البرلمان، دون علم رئيس الحكومة، الذي قام بالاتصال به فور علمه بالموضوع، وتنبيهه إلى أن هذا العمل غير لائق».
وأوضح الموقع أن الوزير الداودي «كان متجها إلى البرلمان للمشاركة في لجنة برلمانية الليلة قبل الماضية، حين التحق بالمتظاهرين دون أخذ رأي أي أحد، وهو ما استدعى اتصال رئيس الحكومة لتبليغه عدم رضاه عن هذا التصرف».
وحسب متابعين، فإن ما أثار الاستياء والسخرية أيضا من تصرف الوزير الداودي أنه لم يتوقف للاستماع لمطالب المحتجين، أو تقديم وعود لهم بحل مشكلاتهم، بل ظهر وهو يهمس في أذن أحد المتظاهرين الشعار الذي ينبغي أن يردده «هذا عيب هذا عار... الاقتصاد في خطر»، ليواصل الوزير ترديد الشعار ذاته مع العمال، وهو المقطع الذي انتشر على نطاق واسع وتسبب في سخرية عارمة ضده.
من جهته، برر الداودي انضمامه إلى المحتجين بالقول: «هل يوجد عيب في أن أخرج مع العمال؟»، موضحا أنه كان يمر بسيارته من قرب البرلمان، و«خفت أن يعاكسوني وأتسبب في عرقلة السير فقلت لهم أنا نازل». كما أكد الداودي اتصال العثماني به، إلا أنه تفادى الحديث عن أن رئيس الحكومة آخذه على تصرفه.
وفي المقابل، انتقد قياديون في حزب العدالة والتنمية سلوك الوزير الداودي، وعبر عدد منهم في تدوينات بموقع «فيسبوك» عن استهجانهم لما قام به، وبينهم سليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب، الذي كتب: «لم أقتنع يوما أنه يمكن لبرلماني أو وزير أن يحتج بالوقفات إلا إذا كان في قضايا الأمة أو الوطن. فلهما من الآليات ما يمكنهما من القيام بمهامهما من مواقعهما دفاعا عن الشعب».
أما نبيل الشيخي، عضو الأمانة العامة للحزب، فكتب تحت عنوان «نقطة نظام قبل فوات الأوان» أنه «من المفهوم أن تعبر الحكومة عن رأيها في قضية تشغل بال الرأي العام، وفق تقدير تتحمل مسؤوليته، وأن يصرح وزير أو مسؤول في القضية نفسها بما يراه ويقتنع به. لكن أن يخرج وزير للاحتجاج مع عمال شركة يدافعون عن أوضاعهم، في مقابل رأي تبنته شريحة واسعة من المجتمع بخصوص موضوع المقاطعة، فهذا يعتبر قمة العبث والاستهتار الذي يستوجب وقفة حقيقية».
وكان الشيخي قد رد على الداودي في بداية حملة المقاطعة، عندما صرح هذا الأخير بأن المقاطعة زرعت الخوف في المستثمرين، وأن بعض الشركات تسأل الحكومة ماذا يجري في المغرب، بأن «الذي سيخيف الاستثمار الأجنبي حقيقة ويمس شعوره بالأمن، هو غياب قواعد المنافسة الحقيقية والشريفة بين الشركات والمقاولات، في ظل التأخر غير المفهوم والملتبس المتعلق بتفعيل مجلس المنافسة، الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام الجشع والاحتكار والتحكم في السوق، وعدم السماح في مجالات استثمارية محددة إلا لمن انضبط وتحرك ضمن نطاق مرسوم وخطوط حمراء لا يسمح بتجاوزها»، الأمر الذي يعكس حجم الخلافات التي تعمقت بين قياديي الحزب.