خالد أحمد الطراح

 بدلاً من أن يصبح التعليم نافذة للمجتمع في التطور وترسيخ المواطنة والولاء للكويت، الوطن، أصبح جسراً نحو الردة الاجتماعية، بفضل تجاهل وتهاون الحكومة، التي يفترض ان تمارس دورها في الحفاظ على القوانين وفرض هيبتها في المجتمع على مختلف المستويات، ولكن مثل هذه الفرضيات باتت أحيانا قابلة للمساومة وغض النظر طالما هناك ربما نفوذ يفوق قوانين الدولة!.


تعودنا وتقبلنا على مضض – مرغمين – تناقض وتضارب السياسات والقرارات الحكومية في كثير من الامور والملفات، ولكن ان يتزامن اعتماد مجلس الوزراء «لاستراتيجية تطوير التعليم بمشاركة القطاع الخاص ضمن رؤية الكويت 2035» مع انطلاق «دعوات ارشادية طلابية لأبناء القبائل فقط» في مؤسسات التعليم العالي، فذلك ليس تهاونا، بل هو مباركة رسمية، حتى لو كانت غير مباشرة للردة الاجتماعية في دولة القانون والدستور!
ما سمي بالدعوات الارشادية الطلابية «لم تنطلق بعد صدور بيان مجلس الوزراء الذي نشر في 5 – 6 – 2018 (القبس) بل سبق اجتماع مجلس الوزراء بأيام على شبكة التواصل الاجتماعي وكذلك في اروقة مؤسسات تعليمية، فضلا عن ان مثل هذه «الاعلانات الارشادية» تتبناها «لجان متواجدة وفاعلة طوال العام الدراسي» وفقا للخبر المنشور في ذات يوم نشر خبر اعتماد مجلس الوزراء لاستراتيجية التعليم وتشدق الحكومة بشراكة القطاع الخاص!
هل يعقل أن كل اجهزة (مؤسسة) مجلس الوزراء لم ترصد الاعلانات الارشادية ودعوات الردة الاجتماعية الى آخر دقيقة من اجتماع الحكومة الاسبوعي؟
هذا الواقع، يضعنا فعلا امام كارثة سياسية واجتماعية تتحملها السلطة التنفيذية في المقام الاول، فلولا التهاون الرسمي لما بلغ التحدي للقانون وكسره ايضا من قبل شريحة اجتماعية وبعض نواب الامة ايضا!
الحكومة كعادتها ستبادر باصدار بيانات «تلطيفية» نتيجة الضغط الاعلامي لا اكثر، بينما التعليم ينفذ فيه حكم الاعدام على مقصلة القبيلة اليوم ومن ثم الطائفية والفئوية ايضا، وإلقاء اللوم بكامله بالنهاية على ادارة جامعة الكويت وغيرها لإبعاد الضوء عن مؤسسة الحكومة ان وجدت!
اي شراكة خاصة ممكن ان تقوم بـ«تطوير المنظومة التعليمية»؟!
هل المقصود بالشراكة في التعليم توزيع استراتيجية التعليم على الشركات الخاصة بحسب الانتماء القبلي والطائفي والعائلي؟
اذا كان هذا هو الهدف التنموي المنشود او القريب من واقع تنمية مستدامة كويتية المنشأ، فمن غير المستبعد ان تصدر مشاريع قوانين بتقسيم مناطق الكويت ومدارسها والجهات الخدمية ايضا وفقا لضوابط الردة الاجتماعية برعاية رسمية!
امام هذا التحدي القاتل للدولة المدنية، فليس امام «مثقفي الحكومة» سوى خيارين، اولهما مباركة التراجع الاجتماعي، والثاني اعداد خطة للحكومة تساعدها على تلاشي دولة القانون حتى تكتسب الدعوات القبلية وغيرها المشروعية في ميدان التعليم ومختلف مجالات الحياة ايضا.
شكرا للحكومة على ردها الحصيف وحسها الوطني لحملة «قبل ان تتلاشى»، فمن الواضح اننا ككتّاب حين اعدنا قرع اجراس الخطر لم ندرك ان الحكومة فعلا ابخص، اي اعلم منا جميعا ومن الشعب ككل، وترى ما لا يراه غيرها!
اي تنمية وإصلاح يمكن ان يحظيا بثقة ودعم الشعب في ظل تجاهل وتهاون حكومي لمصادر الفساد ونحر مكونات المجتمع علناً؟