محمد الحمادي 

ما يميز قمة مكة هو القرار العربي السريع والموقف العربي الثابت تجاه الدول الشقيقة، فدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد قمة لدعم الأردن، وتجاوب كل من الإمارات والكويت السريع مع هذه الدعوة، يؤكدان أن الوعي العربي تجاه الأخطار التي تواجهها الدول العربية أصبح عالياً، وأصبح رد الفعل العربي سريعاً كذلك، فلسنوات، بل لعقود طويلة لم نكن نرى التفاعل العربي السريع، فكل أزمة عربية كانت تحتاج لأسابيع حتى يلتئم شمل العرب ويجتمعوا وينظروا في تلك الأزمة التي تكون مع اجتماع العرب في جامعتهم قد تطورت، واستفحلت المشكلة وأصبح حلها صعباً جداً، ولكن اليوم ومع ملك الحزم والعزم سلمان فقد تغيرت الأمور كثيراً.

ما حدث في الأردن خلال الأسبوع الماضي، أعاد إلينا مشهد ما يسمى بالربيع العربي قبل سبعة أعوام عندما كانت تخرج المظاهرات والمسيرات الشبابية تعلن مطالبها المشروعة سواء الاقتصادية أو المعيشية، وفجأة ودون مقدمات يفاجأ الجميع بتبدل المطالب ورفع سقفها بطريقة تشكل خطراً على البلد، وعلى جميع المواطنين فيها، وهذا الفخ وقعت فيه دول عربية، وما زالت تعاني منه إلى اليوم دول منها ليبيا واليمن وسوريا، بينما نجحت دول أخرى في تجاوزها وهي مصر وتونس، وما شهدته تلك الدول لا يمكن السماح بتكراره في دول أخرى بعد أن رأى العالم الكوارث التي تسببت بها تلك الأوضاع، لذا فإن المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات ومن منطلق مسؤولياتهما العربية والإسلامية والإنسانية، تقفان بكل ما أوتيتا من قوة مع شقيقاتهما الدول العربية لحمايتها من فوضى محتملة لا يمكن التنبؤ بعواقبها الوخيمة.

الأردن، والشعب الأردني الأصيل يعرف اليوم من يقف معه في أزمته بالأفعال، ومن يقف ضده، ويعرف من يكتفي بالكلام والشعارات الجوفاء.. كما أنه يعرف من المستفيد من استمرار الأزمة وإثارة الفتن في الأردن، لذلك رأينا الشعب يلتف وبشكل سريع حول ملكه عبدالله الثاني الذي نجح بحكمته وحبه لشعبه أن يحتوي الأزمة، وأن يقطع الطريق على كل متربص وباحث عن الفتنة والخراب، ليؤكد من جديد أنه صمّام الأمان للأردن، وهو الرجل الذي يقف في وجه كل متربص ببلده وبشعبه، وتعينه على ذلك مواقفه وعلاقاته بأشقائه في دول الخليج التي تستمد قوتها من الاحترام والثقة المتبادلة بين الطرفين.

أما السعودية، فقد أثبتت أنها مملكة الأفعال والعزم والحزم، فبمجرد أن استشعرت الخطر على الأردن، هبّت لتدعو إلى قمة عاجلة في مكة المكرمة، وخلال يومين، التقى قادة ثلاث دول خليجية، السعودية والإمارات والكويت، ليقرروا نوع الدعم الذي يجب تقديمه للأردن وبشكل عاجل، فكانت ليلة البارحة استثنائية لأنها شهدت واحداً من أهم الاجتماعات العربية، ونجح القادة الأربعة في قطع الطريق على كل مخرب لا يريد الخير للعرب.