علي بن محمد الرباعي

واعظ إخواني عاشق للسفر لأحد الأقطار العربية ليسجّل برامجه الفضائية الوعظية، كانت تستقبله في المطار سيدة بسيارتها، وتنقله إلى الفندق، ثم تقله للأستوديو، وهو في كل مرة يركب معها يدبّج مُقامة في قيادتها الماهرة فيقول «دعينا من سياقة الرجل العِفش، ومتعينا بمهارات العدسات والرمش».

هذا الإخونجي قلب المعادلة السابقة منذ صدر قرار السماح لشقائقنا السعوديات بقيادة السيارات، فمرّة يخاف عليها، ومراراً يتخوف منها، تارة يرى أن الشوارع ضيقة ولا تتسع، وتارات يرى أن سلوك الناس لا يزال دون المستوى المأمول من الرُقيّ بحيث يخشى أن تقع منه ردود أفعال سلبية واقعة أو محتملة الوقوع.

الازدواجية في خطاب الواعظ الإخواني ليست مستغربة، كون الوعظ لدى شريحة عريضة من حزب وجماعة صاحبنا وسيلة للتكسب والإثراء غير المشروع كونهم يتخذون بآيات الله ثمناً قليلاً ويشترون بها مقاماً عليلا، وسأتوقف مع الواعظ أمام قضية السلوك كونهم يقدمون من عقود خطبا ومواعظ على مدار الساعة في المساجد والإذاعات والتلفزة والمناسبات حتى أنهم يلاحقوننا في المنامات.

ما أثر ما قدمه هؤلاء الوعاظ على السلوك العام إذا كانوا يرون بأن الشعب السعودي معتلٌ أخلاقياً؟ أين التغيير المنشود والنقلة النوعية التي أحدثوها لمعالجة الخلل القائم أو المحتمل؟ لماذا لم تكتمل المنظومة الأخلاقية وأنتم سادة المنابر والمنائر منذ ثلاثين عاماً؟ كيف ذهبت جهودكم هباءً ولم يباركها الله لتثمر فينا وعياً وانضباطا؟ أظنها أسئلة مشروعة وقابلة للنقاش.

بالمقابل لا أود أن أحكم أو أحاكم النوايا، إلا أن آية «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً» تضمنت أمرين؛ الإخلاص بأن يكون العمل لوجه الله، وصلاحه، أي موافقته للشرع بل مطابقته له، ونحن هنا لا ننفي الإخلاص ولا نثبته. أما موافقته للشرع فأكاد أجزم أن الخطاب الوعظي طيلة أعوام خلت لم يكن ذا أثر إيجابي على مستوى السلوك والأخلاق، ولذا كفاكم ازدواجيةً وتسويق خطاب غرائبي وعجائبي لإنزال معاني القرآن وفق أهوائكم.