عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

مثلما أشرت في مقال سابق فها هي القمة الأميركية الكورية الشمالية قد انعقدت منهية حالة الحرب، وبصرف النظر عن أن المثل يقول: إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن هناك عوامل موضوعية وذاتية أميركية -كورية تدفع بعدم التراجع عما تم إنجازه.

ولهذا فإن الرئيس الأميركي والكوري الشمالي سوف يكونان حريصين خلال الفترة المقبلة على تحويل ما جاء في الاتفاقات الموقعة إلى واقع ملموس على الأرض. وفي الحقيقة فإنها فرصة للشركات الأميركية للاستثمار في هذا البلد، ولذلك فعلينا أن لا نستغرب إذا ما بادرت شركة ماكدونالدز قبل غيرها إلى فتح فروع لها في بيونغ يانغ، وفيما بعد في بقية المدن الكورية الشمالية.

من ناحية أخرى فإن كوريا الشمالية تحتاج إلى إصلاحات جذرية حتى تتمكن الشركات الأميركية وغير الأميركية من العمل على أراضيها، فالاشتراكية البدائية التي ما زالت تسير عليها لا تسمح لها بالاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الأميركية، هذا طبعًا إذا كانت تطمح إلى التطور بشكل مماثل للصين وليس البلدان العربية، وإلا فإن الاستثمارات سوف تقتصر على المطاعم كما هي الحال في الشرق الأوسط، ولذا فمن الأرجح أن تبدأ كوريا الشمالية بتغيير نفسها حتى تصبح كياناً اجتماعياً ليس غريباً عن هذا العالم، فإذا سارت الأمور ضمن هذا السيناريو فإن ذلك معناه أن الكوريتين سوف تسيران نحو مزيد من التقارب وأن الشمال سوف يكون مهيأ لمزيد من الاندماج الاقتصادي مع العالم.

وأنا ذكرت في مقالي: لنسبق غيرنا إلى كوريا، أنه سوف يكون هناك ركض إلى هذا البلد من قبل رؤوس الأموال الأميركية والبلدان المجاورة، ولذلك فعلينا أن لا نقتصر على استيراد العبي من هذا البلد وأن لا نتخلف عن المتسابقين إلى هناك مع أننا ليس جيراناً له مثل غيرنا.

أن التحول الذي سوف تشهده كوريا الشمالية يهمنا بل يمسنا ربما قبل غيرنا، فنحن مثلما نعلم من أهم مصدري موارد الطاقة إلى جنوب شرقي آسيا، وكوريا الشمالية عندما تصبح جزءاً من هذا الفضاء فإنها سوف تكون في حاجة إلى نفطنا، مثلها مثل أختها كوريا الجنوبية، ولذلك فإن شركة أرامكو إذا لم تنتبه للأمر من الآن فإنها سوف تفوت على نفسها وعلينا الكثير، لأن منتجي الطاقة وعلى رأسهم روسيا يتطلعون إلى تحسن العلاقة بين الكوريتين حتى يستطيعون توصيل موارد الطاقة عبر الشمال إلى الجنوب. ولذلك لو كنت رئيساً لأرامكو لطرت على أول طائرة إلى بيونغ يانغ لحجز نصيب قبل أن يأخذه غيرنا، وكل عيد وأنتم بألف خير.