توماس فريدمان 

مع اقتراب موسم الانتخابات التمهيدية وانتخابات التجديد النصفي، آن الأوان للإشارة إلى أن هذه الانتخابات ليست بشأن ما نعتقد أنها بشأنه! فهي ليست اختياراً بين مجموعة من السياسات التي يقدمها مرشحون لمجلسي النواب أو الشيوخ في الدائرة أو الولاية، كسياسات السيطرة على الأسلحة أو التجارة الحرة أو الانضباط المالي.. وإنما هي انتخابات الفرصة الأولى منذ عام 2016 للتصويت ضد سياسات الإدارة الأميركية الحالية.

ويساورني القلق من أن ذلك قد يكون الاختيار الوحيد عبر صندوق الاقتراع، فهو اختيار بين السماح لإدارة الرئيس دونالد ترامب بالسيطرة على مفاصل السلطة السياسية كافة لمدة عامين أو أكثر، أو عدم السماح لها بذلك.

ولو أنني أكتب الاختيار في ورقة الاقتراع، لكان: «هل تؤيد انتخاب أغلبية ديمقراطية في مجلسي النواب والشيوخ لكبح سلطة الإدارة الراهنة، في ضوء أن الحزب الجمهوري لن يفعل ذلك على الأرجح؟ أم تؤيد المقامرة بعامين أو أكثر من الهيمنة المطلقة على مجلسي النواب والشيوخ وعلى البيت الأبيض من قبل إدارة ترغب في تجاهل التدخل الروسي في انتخاباتنا؟».

وإذا كانت إجابتك هي الاختيار الأول، فلن يحدث ذلك، إلا عن طريق التصويت للديمقراطيين في السباق المحلي لانتخابات التجديد النصفي في مجلسي النواب والشيوخ.

ولأن ما تعلمناه منذ انتخابات 2016 هو أن أسوأ ديمقراطي في أوراق التصويت أفضل من «أفضل جمهوري»؛ لأن أفضل الجمهوريين رفضوا باستمرار اتخاذ موقف أخلاقي من تقويض الإدارة الراهنة لوكالات إنفاذ القانون والمخابرات ووزارة الخارجية ووكالة حماية البيئة والخدمة المدنية الأميركية، والمفاهيم الأساسية لحياتنا العامة وسلامة انتخاباتنا.

وأولئك الجمهوريون جعلوا اختيارهم هو الوقوف إلى جانب الإدارة طالما أنها تضع سياسات يفضلونها، مثل خفض الضرائب وعدم السيطرة على حمل السلاح والتوسع في استخدام الوقود الأحفوري وما يروق لهم بشأن الإجهاض والهجرة.

والأمر متروك للديمقراطيين كي يقولوا ويفعلوا عكس ذلك، لكن لنعلم أنه طلما أن ترامب هو الرئيس، فمن المستبعد أن يوقع أي تشريع ستمرره الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس، لكن ليست هذه هي مهمتهم خلال العامين المقبلين، وإنما وظيفتهم هي حماية أميركا من أسوأ التقلبات والنتائج. ووظيفتهم هي السيطرة على إحدى أفرع السلطة على الأقل، مجلس النواب أو الشيوخ، وإقصاء المشرعين الفاسدين الذين يترأسون اللجان البارزة، والإشراف بدقة على الوزراء المتهورين، وحماية مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل وروبرت مولر من أية محاولات تخويف.

والحقيقة أنني لا أكتب ذلك بسهولة، ففي كثير من القضايا غير الاجتماعية وغير البيئية، فأنا لست ديمقراطياً محسوباً على الحزب، فأنا أفضل التجارة الحرة والانضباط المالي، والتشريعات المحابية للشركات، والسياسات الخارجية التي تنشر الديمقراطية، ولدي بغض لسياسات الهوية.

لكن ذلك مؤجل بالنسبة لي في الوقت الراهن، لأن هناك شيئاً أكثر جوهرية على المحك.. وهذا الشيء ليس ما نفعل، وإنما من نحن عليه، وكيف يتحدث كل منا إلى الآخر، وما نمثله للعالم، وكيف نحترم مؤسساتنا.

ولهذا السبب فقط لدي فكرة واحدة لهذه الانتخابات: احصلوا على السلطة، وانتزعوا الصلاحيات التي يمكن أن تكبح جماح الإدارة الراهنة، وترشحوا لمجلس النواب أو الشيوخ كديمقراطيين وسجلوا أصواتكم كديمقراطيين، وساعدوا الآخرين على تسجيل أصواتهم، وتبرعوا بالمال للديمقراطيين، واحشدوا لهم، واصطحبوا الناس للتصويت في مراكز الاقتراع لصالح الديمقراطيين!

وفي نهاية المطاف، لا أود أن يتم سحب الثقة من ترامب، ما لم يكن هناك دليل دامغ، لكنني أرغب وأود أن يرى العالم أن غالبية الأميركيين يصوتون للسيطرة على سياسات الإدارة الراهنة خلال العامين المقبلين، وليس ذلك لأنهم يرغبون في فرض أجندة محددة عليها، وإنما لرغبتهم في حماية أميركا ومثلها ومؤسساتها، إلى أن تأتي إدارة تمنح ميلاداً لحزب جمهوري جديد يروج لأفضل مميزات المحافظين، وليس أسوأها، بحيث يمكن للأميركيين حينئذ المفاضلة بين اختيارين ملائمين.

*كاتب أميركي حاصل على جائزة «بوليتزر» في الصحافة

«نيويورك تايمز»