سمير عطا الله

 ليس لي رأي في المسلسلات التلفزيونية لأنه ليس لي معرفة كافية بها إلا ما صادفته، أو صادفني، بسرعة. لكن الذي أثار فضولي هو هذا الكم من الإنتاج بذريعة الشهر الكريم. ما هي الدلالة الاجتماعية؟ كيف يمكن أن تقدم لشعب واحد، ثلاثة مسلسلات كل يوم على قناة واحدة، أو نحو 15 مسلسلاً تقريباً على مجموع القنوات المتفق عليها؟

ومن متابعاتي السريعة، لاحظت أن معظم هذه المسلسلات عياط. إما باللبناني أو بالمصري. أي إما غضب أو عتب. وأحد المسلسلات كلما وقعت عليه رأيت البطلة جالسة تبكي، وإما البطل واقفاً ينتحب. ولا مرة عثرت على ابتسامة أو مزحة أو دعابة أو فرح.
وكل المسلسلات مصورة ببطء وكأن التصوير البطيء اخترع اليوم وليس مستهلكاً ومملاً، وبلا معنى وبلا مناسبة وبلا طعم، سوى تعبئة الحلقات ببكاء إضافي، وخناقة هدية فوق الخناقات الأولى.
المفاجأة طبعاً، هو المشاهد. إنه لا يبحث عن شيء غير ما اعتاده في المسلسلات التركية والمكسيكية ودموع ماريا مرسيدس. ظاهرة غير مفرحة، أو مشجعة إطلاقاً: أن يتسمر مئات الآلاف من المتفرجين كل مساء لمتابعة حلقات متشابهة، مسطحة، عادية. عدد المسلسلات والليالي ومشاهد التصوير البطيء ليس هو المشكلة. المسألة هي أعداد الناس المأخوذة بكل استسلام بهذه الظاهرة الجماعية.
ليس في الإمكان أن نأتي كل عام بمسلسل مثل «فاروق» أو «ليالي الحلمية». ولكن من الممكن جداً أن يخفف كتّاب المسلسلات من طمر المشاهد بكل هذه المبالغات بحجة «الواقعية». فإن لديه من نشرات الأخبار ما يكفيه ويكفي معه أمم العالم.
أليست هذه أذواق الناس، وهي حرة بها؟ ألم يجتذب «فاروق» أذواق الناس أيضاً؟ ألا تزال الناس تضحك لـ«مدرسة المشاغبين» حتى اليوم؟ ألا يزال عادل إمام يضحكنا قبل أن يقرر تمثيل دور الفارس المغوار الطويل الشعر حتى الكتفين؟
كل ما سبق ليس نقداً. إنه مجرد مناشدة لرمضان المقبل: بكاء أقل. كاميرا بطيئة أقل. تغيير زاوية الخلاف الزوجي من الصالون إلى المطبخ.