هاني الظاهري

على الرغم من الارتماء الرومانسي القطري المعلن منذ أكثر من عام في أحضان النظام الإيراني الذي بات العدو رقم واحد للولايات المتحدة الأمريكية بعد دخول علاقاتها مع كوريا الشمالية مرحلة الدفء، مازال الساسة القطريون يمارسون لعبة تبديل الأقنعة وتبديد أموال الشعب القطري المغلوب على أمره في مناورات سياسية ساذجة ومحاولات يائسة للجمع بين النقيضين بشكل مثير للشفقة، وهذا ما تجلى بوضوح في حفل العشاء والسهرة السرية التي أقامها قبل أيام وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في واشنطن بحضور عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي ووزير الخزانة.

الأخبار المسربة عن تلك السهرة تبين أنها كانت ليلة انبطاحية تاريخية للوزير القطري لهدف وحيد هو محاولة استمالة الحضور لتعطيل أو إيقاف مشروع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس إد رويس الهادف لإصدار قانون يعتبر قطر من الدول الراعية للإرهاب، وهو مشروع يعمل عليه رويس منذ أشهر.

المثير للسخرية أن هذه السهرة القطرية جاءت تتويجا لمشوار طويل صرف فيه النظام القطري مئات الملايين من الدولارات لتحسين صورته داخل الولايات المتحدة، وتعرض خلاله لجميع أنواع الاستغلال من قبل شركات العلاقات العامة وبعض لوبيات الضغط دون أن يغير لهاثه الشديد شيئاً في موقف الإدارة الأمريكية من دعم قطر للجماعات المتطرفة، بل إن نظام الدوحة مارس أرخص أساليب التسول لدى المنظمة الصهيونية في أمريكا إذ قدم قبل أشهر لرئيسها مورتون كلاين تذكرة سفر على الدرجة الأولى في الخطوط الجوية القطرية وجهز له جناحاً ملكياً في منتجع فندق شيراتون جراند الدوحة لحضور اجتماع منفرد استمر ساعتين مع رأس السلطة القطرية تميم بن حمد آل ثاني، واشترط حينها رئيس المنظمة الصهيونية على أمير قطر التوقيع على تعهد من عدة بنود قبل عقد أي تعاون بينهما من أبرزها التوقف عن الدعاية لحكومة إيران الإرهابية، وكذلك التوقف عن دعم تنظيم الإخوان الإرهابي والقرضاوي، وعن تمويل تنظيم حماس الإرهابي المنقلب على السلطة الفلسطينية الشرعية والسبب الرئيسي في سقوط مساعي السلام، والشرط الأهم ضرورة استخدام قناة الجزيرة ومنظومة قطر الإعلامية لنقل صورة إيجابية عن إسرائيل واليهود، وقد رضخت قطر بحسب التسريبات الإعلامية للشرط الأخير فورا، وطلبت مهلة لتنفيذ الشروط الأخرى.

كل هذا يوضح أن الليلة الانبطاحية التي فتح فيها وزير خارجية قطر قناني «الشامبانيا» لضيوفه في واشنطن ليست سوى حلقة في مسلسل التسول القطري الفادح الغباء والذي (بغض النظر عن نتائجه) كان يمكن الاستغناء عنه وحفظ كرامة القطريين وماء وجه النظام من خلال الاعتراف بأن أقصر وأفضل الطرق لحل الأزمة القطرية هو التوجه للكبار في العاصمة السعودية الرياض، لكن الذي يدركه جميع العقلاء اليوم أن الحماقة القطرية أعيت من يداويها.