أبقت إيران الباب موارباً أمام احتمالات التفاوض مع الولايات المتحدة، وإن أكدت أن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب «البدء» بالاتصال و «إجراء المكالمة» إن أراد التفاوض بعد انسحابه من الاتفاق النووي. في الوقت ذاته، أعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن بلاده تريد تجنب التأثير في أسواق النفط العالمية لدى إعادة فرض عقوبات على إيران، وستدرس إعفاءات في «حالات معينة» إذا كانت دول تحتاج إلى مزيد من الوقت لخفض مشترياتها من النفط الإيراني إلى الصفر.


وفي توضيح لتصريحات مسؤولين أميركيين آخرين استبعدوا إعفاءات من العقوبات على إيران، قال منوتشين الجمعة في تصريح حُظر نشره حتى أمس: «نريد من الناس خفض مشترياتها من النفط إلى الصفر، ولكن في حالات محدودة إن لم يكن في استطاعتهم فعل ذلك بين عشية وضحاها، سندرس إعفاءات».

وفي تناقض مع موقف وزير الخزانة، أفادت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس، بأن الولايات المتحدة رفضت العودة عن قرارها فرض عقوبات جديدة على الشركات العاملة في إيران، على رغم طلب لإعفاء الشركات الأوروبية، موضحة أن «الشركات الدولية الناشطة في إيران باتت معرضة لعقوبات أميركية في غضون أسابيع، بعدما رفضت واشنطن طلباً أوروبياً على أعلى مستوى لإعفاء الصناعات الحيوية، من أجل المساعدة في إبقاء الاتفاق النووي مع طهران حياً».

وكانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي أرسلوا في 6 حزيران (يونيو) طلباً مشتركاً إلى إدارة ترامب، لإعفاء شركاتها من العقوبات الجديدة على إيران. ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسيين أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومنوتشين رفضا، في رسالة رسمية، منح الأوروبيين الإعفاء الذي طلبوه، وهو ما أكده وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الذي قال لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية الجمعة الماضي، إن الولايات المتحدة لن تستجيب لطلب أوروبا التي وصفها ترامب بأنها خصم تجاري، واتهمها مجدداً بأنها تستغل أميركا.

في بروكسيل رفض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أمس طلباً أميركياً لعزل إيران اقتصادياً وأقروا آلية قضائية لحماية الشركات الأوروبية التي تعمل في هذا البلد من العقوبات الأميركية المتوقعة. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني: «سنتخذ كل الاجراءات لجعل إيران قادرة على الاستفادة اقتصادياً من رفع العقوبات».

في غضون ذلك، نقلت وكالة «إسنا» الإيرانية عن الناطق باسم الخارجیة الإيرانية بهرام قاسمي، وصْفَه سلوك ترامب حیال إيران بالـ «عدواني»، وكذلك ردَّه على تصريح الرئيس الأميركي «في نقطة معينة سيتصلون (الإيرانيون) بي ويقولون دعونا نبرم صفقة، وسنقدم اتفاقاً» بالقول: «هذا التصرف العدائي یشاهَد بوضوح في الجوانب المختلفة، ربما قالها على سبيل المزاح، وطبعاً یمكن أن یتصل یوماً بطهران ویطلب التفاوض. هذا الموضوع أكثر احتمالاً، وربما توجد علامات في الماضي». وتابع: «إذا اتصل ترامب، فليس واضحاً إذا كان أحد سيجيب».

في الوقت ذاته، دعا المرشد علي خامنئي إلى تعزيز علاقات بلاده «مع الشرق والغرب» باستثناء الولايات المتحدة، كما جاء على موقعه الرسمي أمس. وشدد خلال لقائه الرئيس حسن روحاني وأعضاء الحكومة على «ضرورة تعزيز الديبلوماسية وتطوير العلاقات الخارجية»، وفق تصريحاته التي نشرت بالإنكليزية. وتابع: «باستثناء بعض الحالات، كأميركا، يجب تعزيز علاقات البلاد مع الشرق والغرب في شكل كبير».

وكشفت إحصاءات أصدرها البنك الدولي، أن إيران شهدت تراجعاً اقتصادياً لافتاً خلال العقود الأربعة الماضية، وأن إجمالي ناتجها المحلي العام الماضي بلغ 439 بليون دولار. وأوضحت أن الاقتصاد الإيراني تراجع من المركز السابع عشر إلى المركز الـ27 في العالم خلال العقود الأربعة الماضية، بكل ما يعنيه ذلك من انخفاض مستويات المعيشة للإيرانيين.

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران، استناداً إلى القوة الشرائية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، وتكشف أن المواطن الإيراني أصبح أكثر فقراً بنسبة 32 في المئة في هذه الفترة.