نظم مجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر في مصر ورشاً لتدريب وعاظه على محاورة المتطرفين وأصحاب الأفكار المتشددة لتقويضها، في إطار دور المؤسسات الدينية الرسمية لمواجهة الإرهاب، في وقت تواصل قوات الجيش والشرطة عملياتها العسكرية الشاملة ضد الجماعات الإرهابية في سيناء.


وعقد «المجمع»، وفق بيان، ورشة عمل تفاعلية لمجموعة من الوعاظ من مناطق متنوعة تحت عنوان «كيف تحاور متطرفاً»، ضمن خطته الجديدة التي تقوم على تأهيل الوعاظ وتدريبهم على إجراء الحوارات والنقاشات الفكرية، فضلاً عن مخاطبة الشباب وشرائح المجتمع المختلفة بطريقة واضحة وعملية تيّسر عليهم التعرف إلى مغالطات تيارات العنف والتكفير.

وأشار الأمين العام للمجمع الدكتور محيي الدين عفيفي إلى أن البرنامج التأهيلي يتضمن تنظيم 12 ورشة عمل، لمناقشة الأفكار المتطرفة عبر تحليلها وتفنيدها، وتدريب الوعاظ على كيفية الرد عليها وتبصير الناس بها.

ولفت عفيفي إلى تناول أولى الورش بعض المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بفكر الجماعات المتطرفة التي تعمل على تلويث عقول الشباب بالأفكار المنحرفة، وتم في ورشة العمل بيان رؤية الأزهر الشريف في التعامل مع هذه القضايا لحماية الناس من خطرها.

وعلى رغم مسمى الورش «كيف تحاور متطرفاً؟»، استبعد الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي صلاح الدين حسن فرص تعرض أئمة الأزهر ووعاظه لشباب يحملون أفكاراً متطرفة لفتح نقاش معهم وإقناعهم بالتراجع، وأوضح أن «العنصر المتطرف منذ كونه عنصراً محتملاً لجماعة تكفيرية (مرحلة الاستقطاب) يُنحي أئمة الأزهر والأوقاف جانباً، إذ يعتبرهم «أئمة للسلطان» وفق المفهوم الجهادي، في مقابل ميله إلى النماذج الجهادية، خصوصاً الفاعلة منها، بمعنى أنه لن يميل إلى عالم شرعي لكنه سيتخذ من عناصر إرهابية في تنظيم «القاعدة» أو «داعش» ومنظريهم الفكريين المثل الأعلى، ومنبعه لاستيقاء الفكر.

وشدد على أن ذلك لا يقلل بالطبع من أهمية جهود الأزهر في ظل المجابهة الشاملة للإرهاب والأفكار المتطرفة، بل تبرز أهميته كجهود وقائية للشباب قبل أن يصبحوا عناصر محتملة أو يبدأ استقطابهم لذلك الفكر، كما أن الأزهر ضروري لتحصين المجتمع ككل من تلك الأفكار وتشكيل الوعي الديني الوسطي لمجابهتها.

وأشار حسن إلى جدلية «جدوى النقاش بين الفكر الوسطي والمتطرف في محاولة لتصحيح الأخير»، قائلاً: «حتى الآن لم تثبت التجارب نجاح تلك المحاولات والمرتبطة عادة بإطار السجن، إذ تبدأ المؤسسات الأمنية الاستعانة برجال الدين لمحاورة المتطرفين بعد توقيفهم في محاولة لردهم، لكن النتائج دائماً تأتي مخيبة، خصوصاً في ظل عدم تكافؤ النقاش ما بين سجين وواعظ يعتبره ذلك السجين مصدراً سلطوياً جديداً، ومن ثم لا يقتنع بآرائه».

لكن ما أثبت نجاحه وفق حسن، المراجعات التي تجريها العناصر ذاتها بناء على تجربتها، وثبوت فشل معتقداتها، لافتاً في ذلك الإطار إلى المراجعات التي أجرتها «الجماعة الإسلامية» في السجون في تسعينات القرن الماضي، ومراجعات تالية أجراها بعض عناصر «القاعدة».