تركي التركي من الرياض

"بينما تستعد لشراء بعض الألعاب لأطفالك في طريق عودتك من رحلة عمل شاقة، هناك من يملأ الطائرة التي ستقلك بعد قليل بالمال والأسلحة وكل ما يحتاج إليه الإرهاب من تمويل كاف لاستدامته الدموية. فيما الجالس إلى جوارك بعد دقائق معدودة يبادلك أطراف الحديث ليس إلا شخصا مطلوبا لجهات أمنية عدة بتهم إرهابية عالية الخطورة".

هذا السيناريو المفترض لم يعد ضربا من الخيال بل حقيقة واردة ومثبتة بتقارير مؤكدة لطيران مدني لا حدود لإرهابه. إذ لا يلبثُ أن ينقضي جزء من مسلسل "قطر والإرهاب" حتى يعاود الجزء الآخر الظهور مجددا بفضيحة مجلجلة، تُفزع أوطان الآمنين وضمائرهم الحية.

والمستهدف هذه المرة منظومة طيران مدني عالمي، تضافرت الحضارات لجعله وسيلة النقل المفضلة، الأسرع والأكثر أمانا على مر التاريخ. غير أن الدوحة بقيادة الحمدين دفعت بهذه الوسيلة لتكون غطاء آمنا ووكرا إضافيا في منظومتها المتكاملة والشاملة، لصنع الإرهاب وإدارته. 

وجهة الإرهاب المفضلة لم تعد تكتفي بغلق حدودها على ما ابتليت به، بل أصبحت توعز لناقلها الرسمي بإفشاء فيروس الإرهاب شمالا وجنوبا غربا وشرقا، لضمان انتشار عدوى الخراب والتدمير، الذي يمكنها من العيش فترة أطول، بوصفها نظاما يقتات يوميا على القتل والمكائد وتبادل المؤامرات. طيران قطر المؤتمن على أرواح المدنيين أثبتت التقارير المتداولة أنه فعلا "لا يُؤْمِن بالحدود في أعالي السماء"، كما تشدق بذلك سابقا في إعلانه الأخير بعد المقاطعة الرباعية. ليس للمصلحة الإنسانية العامة، لكن لمنفعة إمداد الإرهاب بالمال اللازم وافتداء رؤوسه الشهيرة، من قاسم سليماني إلى أفراد "القاعدة" و"داعش" و"الإخوان" المعلومين منهم والمجهولين. 

فبعد أن أصبحت قطر بحدودها الكاملة وتحت شعار كعبة المضيوم المضلل وكرا آمنا، لقيادات إرهابية مطلوبة لدى دولها في قضايا قتل وتحريض وإخلال بالأمن، ها هو ناقلها الرسمي يشارك في هذه الصورة القاتمة، دون أدنى اعتبار للقيم الإنسانية أو الأعراف والمعاهدات والاتفاقيات الدولية. في خلط واضح بين الحق والباطل، الآمن وغير الآمن، الذي بات سمة من سمات دوحة الإرهاب، بإشراف مباشر من قيادة الحمدين، وغض طرف وتجاهل أصم من تميم الابن.

ويبقى "الحل في الرياض" عبارة ذات عمق عربي أصيل، ومغزى سياسي مثمر، يدركها كثيرون حول العالم، بينما يتجاهلها القائمون على دوحة الإرهاب، لما فيها من تسليم واقعي، يضع حدا لمطامع وأوهام طال زمانها، وتبددت حيلتها وحيلها برا وبحرا وجوًا.